الأخوة في الله


محمد حسان

 

الأخوة في الله

 

     إن الحمد لله نحـمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

     ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [[ آل عمران : 102 ].

     ]يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[[ النساء : 1 ].

     ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا صلى الله عليه وسلم 70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِـرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِـعِ اللَّهَ وَرَسُـولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[[ الأحزاب : 70-71 ].

     أما بعـد :-

     فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخـير الهدى هدى محمد  صلى الله عليه وسلم    ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،وكل ضلالة فى النار

   

     أحبتى فى الله

     إننا اليوم على موعد مع موضوع من الأهمية القصوى بمكان وهو بعنوان  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  الأخوة فى الله ))وكما تعودنا دائماً سوف ينتظم حديثنـا مع حضراتكم تحت هذا العنوان الرقيق فى العناصر التالية :-

     أولاً : حقيقة الأخوة فى الله .

     ثانياً : حقوق الأخوة .

     ثالثاً : الطريق إلى الأخوة .

فاسمحوا لى أن أقول : أعرونى القلوب والأسماع والوجـدان والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القـول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم ألوا الألباب .

 

     أولاً : حقيقة الأخوة.

     أحبتى فى الله لقد أصبحت الأمـة اليوم كما تعلمون غثاء كغثاء السيل لقد تمـزق شملها وتشتت صفها ، وطمع فى الأمـة الضعيف قبل القوى ، والذليل قبل العزيز ، والقاصى قبل الدانى ، وأصبحت الأمة قصعة مستباحة كما ترون لأحقر وأخزى وأذل أمم الأرض من إخـوان القردة والخنازير ، والسبب الرئيسى أن العالم الآن لا يحترم إلا الأقوياء ،والأمة أصبحت ضعيفة ، لأن الفرقة قرينة للضعف ، والخزلان ، والضياع ، والقوة ثمرة طيبة من ثمار الألفة والوحدة والمحبة ، فما ضعفت الأمة بهذه الصورة المهينة المخزية إلا يوم أن غاب عنها أصل وحدتها وقوتها آلا وهو  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  الأخوة فى الله ))  بالمعنى الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم  فمحال محال أن تتحقق الأخوة بمعناها الحقيقى إلا على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها ، كما حولت هذه الأخوة الجماعة المسلمة الأولى من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم ، يوم أن تحولت هذه الأخوة التى بنيت على العقيدة بشمولها وكمالها إلى واقع عملى ومنهج حياة ، تجلى هذا الواقـع المشرق المضىء المنير يوم أن آخى النبى  صلى الله عليه وسلم    ابتداءً بين الموحدين فى مكة ، على الرغم من اختـلاف ألوانهم وأشكالهم ، وألسنتهم وأوطانهـم ، آخى بين حمـزة القرشى ،وسلمان الفارسى وبلال الحبشى ، وصهيب الرومى ، وأبى ذر الغفارى ، وراح هؤلاء القوم يهتفون بهذه الأنشودة العذبة الحلوة .

 

 

أبى الإسلام لا أبَ لى سِوَاهُ            إذا افتخـروا بقيسٍ أوتميمِ

     راحوا يرددون جميعاً على لسان رجل واحد قول الله عز وجل :

 ]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُـونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[[ الحجرات : 10 ]. هذه هى المرحلة الأولى من مراحل الإخاء .

     ثم آخى النبى   صلى الله عليه وسلم   - ثانيا - بين أهل المدينة من الأوس والخزرج ، بعد حروب دامية طويلة ، وصراع مر مرير ، دمر فيه الأخضر واليابس !!

     ثم آخى رسول الله  صلى الله عليه وسلم   بين أهل مكة من المهاجرين وبين أهل المدينة من الأنصار ، فى مهرجـان حُبٍّ لم ولن تعرف البشرية له مثيلاً ، تصافحت فيه القلوب ، وامتزجت فيه الأرواح ، حتى جسد هذا الإخاء هذا المشهد الرائع الذى جـاء فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك tقال : قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى النبى  صلى الله عليه وسلم   بينه وبين سعد بن الربيع ، وكان كثير المال ، فقال سعد : قـد علمت الأنصار أنى من أكثرها مالاً ، سأقسم مالى بينى وبينك شطرين ، ولى امرأتان فانظـر أعجبهما إليك ، فأطلقها حتى إذا حَلَّتْ تزوجْتَها . فقال عبد الرحمـن : بارك الله لك فى أهلك . دلونى على السوق ، فلم يرجـع يومئذٍ حتى أفْضَلَ شيئاً من سَمْنٍ وأقطٍ ، فلم يَلْبث إلا يسيراً حتى جاء رسول الله  صلى الله عليه وسلم   وعليه وَضَرٌ من صُفرةٍ فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم    

 صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  مَهْيَمْ ؟ ))قال : تزوجتُ امرأةً من الأنصار قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  ما سقت إليها ؟ ))قال : وزن نواة من ذهب أو نواةٍ من ذهب فقال :   صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أولم ولو بشـاة )) صلى الله عليه وسلم [1]وقد نتحسر الآن على زمن سعد بن الربيع ونقول أين سعد بن الربيع الذى شاطر أخاه ماله وزوجه ؟!!

والجواب : ضاع . وذهب يوم أن ذهب عبد الرحمن بن عوف .

فإذا كان السؤال : من الآن الذى يعطى عطاء سعد ؟! فإن الجواب : وأين الآن من يتعفف بعفة عبد الرحمن بن عوف ؟!!

     لقد ذهب رجل إلى أحد السلف فقال : أين ]الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً [[ البقرة : 274 ]

فقال له : ذهبوا مع من  ]لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا[[ البقرة : 273 ].

     هذا مشهد من مشاهد الإخاء الحقيقى بمعتقد التوحـيد الصافى بشموله وكماله ، والله لولا أن الحديـث فى أعلى درجات الصحـة لقلت إن هذا المشهد من مشاهد الرؤيا الحالمة .

     هذه هى الأخوة الصادقة ، وهذه هى حقيقتها ، فإن الأخوة فى الله لا تبنى إلا على أواصـر العقيدة وأواصر الإيمـان وأواصر الحب فى الله ، تلكم الأواصر التى لا تنفك عراها أبداً .

     الأخوة فى الله نعمة جمة من الله ، وفضـل فيض من الله يغدقهـا على المؤمنين الصادقـين ،الأخـوة شراب طهور يسقيه الله للمؤمنـين الأصفياء والأذكياء .

     لذا فإن الأخوة فى الله قرينة الإيمان لا تنفك عنه ، ولا ينفك الإيمان عنها فإن وجدت أخوة من غير إيمـان ، فاعلم يقيناً أنها التقـاء مصالح ، وتبادل منافع ، وإن رأيت إيمان بدون أخوة صادقة فاعلم يقيناً أنه إيمان ناقص يحتاج صاحبه إلى دواء وعلاج لمرض فيه ، لذا جمع الله بين الإيمـان والأخوة فى آية جامعة فقال سبحانه ]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[[ الحجرات : 10 ]

     فالمؤمنين جميعاً كأنهم روح واحدة حل فى أجسام متعددة كأنهم أغصان متشابكة تنبثق كلها من دوحة واحدة ، بالله عليكم أين هذه المعانى الآن ؟!!

 

 

     ولذلك لو تحدثت الآن عن مشهد كهذا الذى ذكر آنفا ربما استغرب أهل الإسلام هذه الكلمات ، وظنوها كما قلت من الخيالات الجميلة والرؤيا الحالمة لأن حقيقة الأخوة قد ضاعت الآن بين المسلمين ، وإن واقع المسلمين اليوم ليؤكد هذا الواقع الأليم ، وإنا لله وإنا إليه راجعـون ، فلم تعد الأخوة إلا مجرد كلمات جوفاء باهتة باردة لا حرارة فيها إلا من رحم الله .

     فإن الأخوة الموصلة بحبل الله المتين نعمة امتن بها ربنا جل وعلا على المسلمين الأوائل فقال سبحانه :

     ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ صلى الله عليه وسلم 102)وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[[ آل عمران : 102-103 ].

     فالأخوة نعمة من الله امتن بها الله على المؤمنين وقال تعالى : فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ  وقال تعالى : ]وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[

[ الأنفال : 63 ]

 

 

ثانيا : حقوق الأخوة فى الله.

     الحق الأول : الحب فى الله والبغض فى الله.

     ففى الحديث الذى رواه أبو داود والضيـاء المقدسى وصححه الشيخ الألبانى من حديث أبى أمامة الباهلى أنه  صلى الله عليه وسلم   قال  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  من أحبَّ لله ، وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ))صلى الله عليه وسلم [2].

     وفى الصحيحين من حديث أنس أنه  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمـان ،أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود فى الكـفر كما يكره أن يقذف فى النار ))صلى الله عليه وسلم [3].

     وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل ، شاب نشأ فى عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا فى الله ، اجتمعا ، عليه ، وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصبٍ وجمال ، فقال : إنى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكـر الله خالياً ففاضت عينـاه ))صلى الله عليه وسلم [4].  هل فكـرت فى هذا الحديث النبوى الشريف ؟!!  يومٍ تدنـو الشمس من الرؤوس ، والزحام وحده يكاد يخنق الأنفاس ، فالبشرية كلها - من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه الساعة - فى أرض المحشر ، وجهنم تزفر و تزمجر ، قد أُتِىَ بها  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها )) صلى الله عليه وسلم [5]فى ظل هذه المشاهد التى تخلع القلب ، ينادى الله عز وجل على سبعة ليظلهم فى ظله يوم لا ظل إلا ظله - سبحانه وتعالى - ضمن هؤلاء السبعة السعداء رجـلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، يالها ورب الكعبة من كرامة !!

     وفى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة tأن النـبى  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  إن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى ، فأرصد فأرض الله له على مدرجته ، ملكاً فلمَّا أتى عليه قال : أين تريد ؟ فقال : أريد أخاً لى فى هذه القرية . قال : هل لك عليه من نعمة تَرُبّها ؟ قال : لا . غير أنى أحببته فى الله عز وجل ، قال : فإنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ))صلى الله عليه وسلم [6]

     وفى موطأ مالك وأحمـد فى مسنده بسند صحيح ، والحاكم ،وصححه ووافقه الذهبى أن أبا إدريس الخولانى رحمه الله قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شابٌ برَّاق الثَّنايا والناس حـوله فإذا اختلفوا فى شىء أسندوه إليه ، وصدروا عن قوله و رأيه . فسألت عنه ؟ فقيل : هذا معاذ بن جبل tفلما كان الغد هجَّرت ، فوجدته قد سبقنى بالتهجير، ووجـدته يصلى، فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قِبَل وجهه ، فسلَّمت عليه . ثم قلت : والله إنى لأحـبُّك فى الله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، قال : فأخذ بحبوة ردائى ، فجبذنى إليه ، وقال : أبشر ، فإنى سمعت رسول  صلى الله عليه وسلم   يقول : قال الله تبارك وتعالى : وجبت محبتى للمتحابين فىّ ، والمتجالسين فىّ ، والمتزاورين فىّ ، والمتباذلين فىّ )) صلى الله عليه وسلم [7]

     وفى الحديث الذى رواه مسلم وأبو داود أنه  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  والـذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم ))صلى الله عليه وسلم [8]

فسلم على أخيك بصدق وحرارة ، لا تسلم سلاماً باهتاً بارداً لا حرارة فيه.

     إننا كثيراً لا نشعر بحـرارة السلام واللقاء ولا بإخلاص المصافحة .. لا نشعر أن القلب قد صافح القلب .

     ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة tقال عليه الصلاة والسلام.  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فخيارهم فى الإسلام خيارهم فى الجاهلية إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ))صلى الله عليه وسلم [9]

     قال الخطابى : فالخَيِّر يحنو إلى الأخيار والشرير يحنو إلى الأشرار هذا هو معنى ما تعارف من الأرواح ائتلف وما تنافـر وتناكر من الأرواح اختلف ، لذا لا يحب المؤمن إلا من هو على شاكلته من أهل الإيمـان والإخلاص ولا يبغض المؤمن إلا منافـق خبيث القلب ، قال الله تعالى ]إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا[[ مريم : 96 ].

     أى يجعل الله محبتة فى قلوب عباده المؤمنـين ، وهذه لا ينالها مؤمن على ظهر الأرض  إلا إذا أحبـه الله ابتداءً . كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال : إنى أحب فلاناً ، فأحبه قال : فيحبه جبريل ، ثم يُنادى فى السماء فيقول : إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء . قال ثم يوضع له القبول فى الأرض ، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول : إنى أُبغض فلاناً فأبغضه  فقال : فيبغضه جبريل ثم يُنَادى فى أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه . قال : فيبغضونه . ثم توضع له البغضاء فى الأرض ))صلى الله عليه وسلم [10]

 

 

     أيها الأحباب الكرام :

     المرء يوم القيامـة يحشر مع من يحب ، فإن كنت تحب الأخيار الأطهار ابتداءً من نبيك المختار وصحابته الأبرار والتابعين الأخيار ، وانتهاء بإخوانك الطيبين فإنك ستحشر معهم إذا شاء رب العالمـين وإن كنت تحب الخبث و الخبائث وأهل الفجور واللهو واللعب كنت من الخاسرين فتحشر معهم إذا شاء رب العالمين .

     ففى الصحيحين من حديث أنس بن مالك  t: أن رجلاً سأل النبى  صلى الله عليه وسلم   عن الساعة .فقال يا رسول الله متى الساعة . قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  وما أعددت لها )). قال : لا شىء ، إلا أنى أحب الله ورسوله . فقال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أنت مع من أحببت ))قال أنس : فما فرحنا بشىء فرحنا بقول النبى  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أنت مع من أحببت )) .قال أنس فأنا أحب النبى  صلى الله عليه وسلم   وأبا بكر وعمر ، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّى إياهم وإن لم أعمل بعملهم ))صلى الله عليه وسلم [11].

     ونحن نشهد الله أننا نحب رسول الله وأبى بكر ، وعمر ، وعثمان وعلىّ وجميع أصحاب الحبيب النبى ، وكل التابعين لنهجه وضربه المنير ونتضرع إلى الله بفضله لا بأعمالنا أن يحشرنا معهم جميعاً بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين.

ولله در القائل :

أتحب أعـداء الحبيب وتدعـى        حباً له ، ما ذاك فى الإمكـان

وكذا تعادى جاهـداً أحبـابه         أين المحـبة يا أخا الشيطان ؟!

 إن المحــبة أن توافـق مـن         تحب على محـبته بلا نقصـانِ

                                         فلئن  ادعيت له المحبـة  مـع          خلافما يحب فأنت ذو بهتان

 لو صـدقت الله فيما زعمتـه         لعاديت من بالله ويحـك يكفرُ

وواليت أهل الحق سراً وجهـرة       ولما تعاديهم وللكـفر تنصـرُ

فما كل من قد قال ما قلت  مسلم       ولكن  بأشراط  هناك تذكـرُ

مباينة الكـفار فى كـل  موطن       بنا جاءنا النص الصحيح المقرر

وتخضع بالتوحـيد بين ظهورهم       تدعـوهم لـذاك وتجــهر

     ومن السُّنَّة إذا أحب الرجـل أخاه أن يخـبره كما فى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب tأن النبى  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  إذا أحب الرجل أخاه فيخبره أنه يحبه ))صلى الله عليه وسلم [12]).

     وفى الحديث الذى رواه أبو داود من حديث أنس :  أن رجلاً كان عند النبى  صلى الله عليه وسلم   فمر به رجل فقال :  يا رسول الله ! إنى لأحب هذا . فقال له النبى  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أعلمته ؟ ))قال : لا . قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أعلمه ))قال : فلحقه ، فقال : إنى أحبك فى الله . فقال : أحبك الذى أحببتنى لهصلى الله عليه وسلم [13].

     وفى الحديث الـذى رواه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث معاذ بن

جبل أن النبى  صلى الله عليه وسلم   أخذ بيده وقال  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  يا معـاذ والله إنى لأحبـك )).

فقال معاذ : بأبى أنت وأمى يا رسـول الله ، فوالله إنى لأحبك . فقال  صلى الله عليه وسلم   :           صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أوصيك يا معاذ فى دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعنى على ذكرك وشكرك ، وحسن عبادتك ))صلى الله عليه وسلم [14].

     وامتثالاً لأمر النبى الكريم ،فإنى أشهد الله أنى أحبكم جميعاً فى الله وأسأل الله أن يجمعنى مع المتحابين بجلاله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، إنه ولى ذلك والقادر عليه .

     أقول قولى هذا ، و أستغر الله لى ولكم .

 

 

 

الحق الثانى: أن لا يحمل الأخ لأخيه غلاً ولا حسداً ولا حقداً .

أحبتى فى الله:

     المؤمن سليم الصدر ، طاهر النفس ، نقى ، تقى القلب ، رقيق المشاعر رقراق العواطف ، فالمؤمن ينام على فراشه آخر الليل - شهد الله فى عليائه - أنه لا يحمل ذرة حقد ، أوغل ، أو حسد لمسلم البتـة على وجه الأرض ، والنبى  صلى الله عليه وسلم   يقول كما فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك t.

 صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  لا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا تنافسوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ))صلى الله عليه وسلم [15].

     إن الحقد والحسد من أخطـر أمراض القلوب والعياذ بالله ، فيرى الأخ أخاه فى نعمة ، فيحقد عليه ويحسده ، ونسى هذا الجاهل ابتداءً أنه لم يرض عن الله الذى قسم الأرزاق ، فليتق الله وليعد إلى الله سبحانه وتعالى وليسأل الله الذى وهب وأعطـى أن يهبه ويعطيه من فضله ، وعظيم عطائه ، ويردد مع هؤلاء الصادقين : ]رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[[ الحشر : 10 ].

وردد مع هؤلاء بصفاء ، وصدق ، وعمل ، فقد قال الله فيهم : ]وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [[ الحشر : 9 ].

     ففى مسند أحمد بسند جيد من حديث أنس قال كنا جلوساً عند النبى  صلى الله عليه وسلم   فقال المصطفى :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ))فطلع رجل من الأنصار ، تنطف لحيته من وضوئه ، قد تعلق نعليه فى يده الشمال ، فلما كان الغد قال النبى  صلى الله عليه وسلم   مثل ذلك ، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ، فلما كان اليوم الثالث ، قال النبى  صلى الله عليه وسلم   مثل مقالته أيضاً ، فطلع ذلك الرجـل على مثل حالـه الأولى ، فلما قام النبى   صلى الله عليه وسلم   ، تبعه عبد الله بن عمـرو بن العاص فقال : إنى لا حَيْتُ أبى فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤينى إليك حتى تمضى فعلت ؟ قال : نعم ، قال أنس : وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالى الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار صلى الله عليه وسلم  أى انتبه فى الليل ) وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر ، قال عبد الله غـير أنى لم أسمعه يقول إلا خيراً ، فلما مضت الثلاث ليالٍ وكـدت أن أحتقر عمله ، قلت يا عبد الله إنى لم يكـن بينى وبين أبى غضب ولا هجر ثَمَّ ولكن سمعت رسول الله   صلى الله عليه وسلم    يقول لك ثلاث مرات :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم   يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنـة ))فطلعت أنت الثـلاث مرار ، فأردت أن آوى إليك لأنظر ما عملك فأقتدى بك،فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذى بلغ بك ما قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم   ؟! قال : ما هى إلا ما رأيت . قال فلما وليت وعانى فقال : بما هو إلا ما رأيت غير أنى لا أجد فى نفسى لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه . فقال عبد الله : هذه التى بلغت بك ، وهى التى لا نطيق .صلى الله عليه وسلم [16]

     إن سلامة الصدر من الغل والحسد بلغت بهذا الرجل أن يشهد له رسول الله  صلى الله عليه وسلم   بالجنة وهو فى الدنيا .. يا لها من كرامة .

 

 

الحق الثالث : طهارة القلب والنفس.

     إن من حقوق الأخـوة فى الله أنك إن لم تستطع أن تنفع أخاك بمالك فلتكف عنه لسانك ، وهذا أضعف الإيمـان ، فإن تركنا الألسنة تُلقى التهم جزافاً دون بينة أو دليل ، وتركنا المجال فسيحاً لكل إنسان أن يقول ما شاء فى أى وقت شاء ، فإنما ينتشر بذلك الفساد والحسد، والبغضاء ، فإن اللسان من أخطر جوارح هذا الجسم ، قال الله جل وعلا :

]مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[[ ق : 18 ].

     وقال تعالى : ]إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّـونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ [[ النور : 19 ].

     وقال جـل فى علاه : ]إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـاتِ الْغَافِـلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ صلى الله عليه وسلم 23)يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ صلى الله عليه وسلم 24)يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ[النور :[ 23،25 ].

   تورع عن إخوانك ، أمسك عليك لسانك ، واتقى الله فوالله ما من كلمة إلا وهى مسطرة عليك فى كتاب عند الله لا يضل ربى ولا ينسى .

   ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة tأنه  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ))صلى الله عليه وسلم [17]

   وفى الصحيحين من حديث أبى موسى قلت يا رسـول الله أى المسلمين أفضل ؟ قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  من سلم المسلمون من لسانه ويديه ))صلى الله عليه وسلم [18]

     وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة واللفظ للبخـارى أنه   صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضـوان الله ، لا يلقى لها بالا ، فيرفعه الله بها فى الجنة ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يلقى لها بالا ، فيهوى بها فى جهنم ))صلى الله عليه وسلم [19]

    وفى حديث ابن عمر أن النبى  صلى الله عليه وسلم   قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربا الربا استطالة الرجل فى عِرْضِ أخيه ))صلى الله عليه وسلم [20]

    وأختم هذه الطائفـة النبوية الكريمة بهذا الحديث الذى يكاد يخلع القلب والحديث رواه الإمام أحمد فى مسنده ،وأبو داود فى سننه من حديث يحيى بن راشد قال  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  من قال فى مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخـرج مما قال))صلى الله عليه وسلم [21] وردغة الخبـال : عصارة أهـل النار ، والرَّدغة بفتح الدال وسكونها- الماء والطين . والله لو نحمل فى قلوبنـا ذرة إيمان ونسمع حديث من هذه الأحاديثللجم الإنسان لسانه بألف لجام قبل أن يتكلم كلمة ولكن لا أقـول ضعف إيمان ، بل إن لله وإن إليه راجعون .

 

 

     الحق الرابع : الاعانه على قضاء حوائج الدنيا على قدر استطاعتك.

     واسمع إلى هذا الحديث الذى تتلألأ منه أنوار النبوة :

عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : أن رجلاً جاء إلى النـبى   صلى الله عليه وسلم    فقال : يا رسول ! أى الناس أحب إلى الله ؟ وأى الأعمال أحب إلى الله ؟ فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل ، سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه ، أو يقضى عنه دينا ، أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشى فى حاجة أخى المسلم أحب إلىّ من أن اعتكف فى المسجد شهراً  صلى الله عليه وسلم  يعنى : مسجد المدينة ) ، ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم فى حاجته حتى يثبتها له ،أثبت الله قدمه يوم تَزِلُّ الأقـدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمـل كما يفسد الخـل العسل ))صلى الله عليه وسلم [22].

     فمن حق المسلم على المسلم إن استطاع أن يعينه فى أمر من أمور الدنيا أن لا يبخل عليه فأنت يا مسلم لئن مشيت فى حاجة أخيك المسلم أفضل عند الله تعالـى من أن تعتكف فى المسجد شهراً واثبت الله قدمك يوم تزل الأقدام .

     وفى صحيح مسلم من حديث أبى هـريرة يقول المصطفى  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  من نفث عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفث الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا والآخرة ، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ))صلى الله عليه وسلم [23].

     فيا أخى المسلم ، يا منْ منَّ الله عليك بمنصبٍ أو جاه . إن استطعت أن تنفع إخوانك فافعل ولا تبخل وبالمقابل يجب على المسلمـين ، أن لا يكلفوا إخوانهم بما لا يطيقون وإن كلفوهم فعجزوا فليعذروهم قال تعالى :

]لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[[ البقرة : 286 ].

     وما أجمل أن يقول الأخ لأخـيه : أسأل الله أن يجعلك مفتـاح خير ، وهذه حاجتى إليك ، فإن قضيتها حمدت الله ،ثم شكرتك ، وإن لم تقضها لى حمدت الله ثم عذرتك ، ها هى الأخوة .

 

 

الحق الخامس:بذل النصيحة بصدق وأمانة .

     ففى صحيح مسلم من حديث تميم الدارى tأن رسول الله   صلى الله عليه وسلم    قال   صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  الدين النصيحة ))قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ))صلى الله عليه وسلم [24]

     لكن أتمن من الله أن يع إخوانى الضوابط الشرعية للنصيحة .

     قال الشافعى : من نصح أخـاه بين الناس فقد شانه ، ومن نصح أخاه فيما بينه وبينه فقد ستره وزانه .

     والناصح الصـادق : رقيق القلب ، نقى السريرة ، مخلص النية ، يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فإن رأى أخاه فى عيب دنى منه بحنان ، وتمـنى أن لو ستره بجـوارحه لا بملابسه ، ثم قال له حبيبى فى الله . ثم يبـين له النصيحة بأدب ورحمة ،وتواضع ،فلتُشْعِر أخاك وأنت تنصحه : بحبك له ، وبتواضعك وخفض جناحك له ، فقد سطر الله فى كتابه ]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[[ الفتح : 29 ].

     جلس رجل فى مجلس عبد الله بن المبارك فاغتاب أحد المسلمين ، فقال له عبد الله بن المبارك : يا أخى هل غزوت الروم ؟! قال : لا . قال : هل غزوت فارس ؟! قال : لا . فقال عبد الله بن المبارك : سلم منك الروم وسلم منك فارس ، ولم يسلم منك أخوك !!

     والذى بُذِلَ له النصيحة عليه أن يحسن الظن بأخيه الناصـح ولا تأخذه العزة بالإثم ، وأن يتقبلها منه بلطف ، وأدب ، وتواضع ، وحب ، ويشكره عليها ويدعو له بظاهر الغيب .ورحم الله من قال :رحم الله من أهدى إليَّ عيوبى.

 

 

الحق السادس : التناصر

     عن أنس بن مالك tقال : قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ فقال  صلى الله عليه وسلم   :  صلى الله عليه وسلم  صلى الله عليه وسلم  تأخذ فوق يديه ))صلى الله عليه وسلم [25]

     انصر أخاك فى كل الحوال، إن كان ظالماً خذ بيده عن الظلم، وإن كان مظلوماً وأنت تملك أن تنصره انصره ، ولو بكلمة وإن عجزت فبقلبك وهذا أضعف الإيمان .

 

 

الحق السابع : أن تستر عيب أخيك المسلم وتغفر له ذلاته :

     وهذا من أعظم الحقوق : فالأخ ليس مَلَكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلاً ، فإن ذل الأخ فى هفوة فهو بشر ، استر عليه .     

   قال العلماء : الناس صنفان . صنف اشتهر بين الناس بالصلاح والبعد عن المعاصـى ، فإن ذل ووقع وسقط فى هفوة من الهفـوات على المسلمين أن يستروا عليه ، ولا يتبعوا عوراته   ففى الحديث الصحيح الذى رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى برزة الأسلمى tأنه  صلى ا

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الأخوة في الله

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day