ما يجب اعتقاده في صفات الله تعالى عموما


فريق عمل الموقع

الذي يجب على المسلم في صفات الله تعالى هو الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال ، ومنزه عن جميع صفات النقص ، وأنه متفرد عن جميع الكائنات . ولا يكون ذلك إلا بإثبات ما أثبته لنفسه من الصفات أو أثبته له رسوله  من غير تحريف لألفاظها أو معانيها ، ولا تعطيل بنفيها أو نفي بعضها عن الله سبحانه ، ومن دون تكييفها بتحديد كنهها وإثبات كيفية معينة لها ، ولا تشبيهها بصفات المخلوقين . فإيمان المسلم بصفات الله تعالى يقوم على ثلاثة أصول :


الأصل الأول : تنزيه الله تعالى عن النقائص وعن مشابهة صفاته لصفات المخلوقين . يدل على هذا الأصل قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11] ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النحل : 74] ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص : 4].


الأصل الثاني : الإيمان بجميع صفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة دون تجاوزها برد بعضها أو الزيادة عليها أو صرفها عن معانيها . ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ [البقرة : 140] ﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة : 80] ؟!.


الأصل الثالث : قطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات. يدل عليه قوله تعالى :﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه :110]. فلو سأل سائل عن كيفية صفة من صفات الله سبحانه وتعالى كأن يقول : كيف يسمع ؟ أو كيف يبصر ؟ أو كيف استوى ؟ أو كيف ينزل ؟ أو كيف يضحك أو كيف يغضب أو كيف يده ؟ أو ما أشبه ذلك من الأسئلة ، نقول له : كيف هو ؟ فإذا قال : لا أعلم ، قلنا له : فكيف تعلم إذن كيفية صفاته؟![1]

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ في سورة الأعراف ما نصه:

هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات الصفات كقوله ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح : 10] ونحو ذلك، أشكلت على كثير من الناس إشكالا ضل بسببه خلق لا يحصى كثرة، فصار قوم إلى التعطيل وقوم إلى التشبيه – سبحانه وتعالى علوا كبيرا عن ذلك كله – والله جل وعلا أوضح هذا غاية الإيضاح، ولم يترك فيه أي لبس ولا إشكال . وحاصل تحرير ذلك أنه جل وعلا بيّن أن الحق في آيات الصفات متركب من أمرين:


أحدهما : تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة الحوادث في صفاتهم سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .


والثاني : الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله  لأنه لا يصف الله أعلم بالله من الله ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ [البقرة : 140]، ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله  الذي قال فيه :﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم : 3] . فمن نفى عن الله وصفا أثبته لنفسه في كتابه العزيز ، أو أثبته له رسوله  زاعما أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جل وعلا ، فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما لا يليق بالله جل وعلا . سبحانك هذا بهتان عظيم . 

ومن اعتقد أن وصف الله يشابه صفات الخلق فهو مشبّه ملحد ضال . ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته رسوله  مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق فهو مؤمن جامع بين صفات الكمال والجلال والتنزيه عن مشابهة الخلق سالم من ورطة التشبيه والتعطيل .

والآية التي أوضح الله بها هذا هي قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى : 11] فنفى عن نفسه جل وعلا صفة الحوادث بقوله :﴿ليس كمثله شيء﴾ وأثبت لنفسه صفة الكمال والجلال بقوله :﴿وهو السميع البصير﴾ فصرح في هذه الآية بنفي المماثلة مع الاتصاف بصفات الكمال والجلال .[2]

 

-----------------

[1] الإيمان: أركانه، حقيقته، نواقضه للدكتور محمد نعيم ياسين، مكتبة السنة، القاهرة، مصر، ط. الأولى, 1412هـ/1991م، ص15-18 باختصار.

[2] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، مصر، 1408هـ/1988م، 2/272-273..

 

 

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ ما يجب اعتقاده في صفات الله تعالى عموما

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day