أخفى الله عنا الاسم الأعظم في أسمائه ليدعى بها جميعها
أولاً : يقول أصحاب الأصول الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ، فلابد أولاً أن نعرف ما هو الاسم الأعظم ، وما وصفه، وهل يوصف الله به .... إلخ
وقد عرَّف الله تعالى نفسه لخلقه بأسماء كلها حسنى، وصفات كلها عليا...
فهل لله تعالى اسمًا خاصًا يصح أن يوصف بأنه الاسم الأعظم؟
وهل يعرفه الناس أم لا يعرفونه؟
وهل صحَّ فيه أثر؟
وهل لهذا الاسم خاصية أو معنى يميزه عن غيره من الأسماء؟
ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يوجد لله تعالى اسم يوصف بأنه الاسم الأعظم، كما ذكر ذلك (الإمام الطبري، وابن حبان، والباقلاني ، وغيرهم؛ فإنهم نفوا أن يكون لله عز وجل اسمًا أعظم، وقالوا: كل أسمائه حسنى، وكل صفاته عليا، ولا يتميز بعضها عن بعض، ولا يفرق بين هذه الأسماء، ولا بين تلك الصفات.
لكن الأكثرية من أهل العلم يثبتون لله تبارك وتعالى الاسم الأعظم، وقد ورد في ذلك أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن هذه الأحاديث:
عن بريدة بن الحُصيب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو، وهو يقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِأَنِّى أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)) . فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ((وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ - أَوْ قَالَ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ - لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِى إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِىَ بِهِ أَجَابَ)).
وهذا الحديث رواه أهل السنن، وأحمد، وغيرهم، وسنده جيد، بل هو أصح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في باب الاسم الأعظم.
وهو دليل على وجود الاسم الأعظم، وعلى تعينه ضمن مجموعة الأسماء:
« اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِأَنِّى أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ».
وبعضهم يخطئ فيزيد كلمة «الفرد» فيقول: «الأحد الفرد الصمد». ولفظ «الفرد» لم يرد في شيء من النصوص لا في القرآن، ولا في الحديث، ولا فيما عدَّه أهل العلم من أسماء الله تعالى الحسنى، فهي زيادة لا محل لها، وبعضهم يدرجه في الحديث، وليس له أصل.
وفي حديث آخر عن أنس رضي الله عنه، أن رجلًا دعا، وقال: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ يَا بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَىُّ يَا قَيُّومُ إِنِّى أَسْأَلُكَ». فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ بِمَا دَعَا اللَّهَ ». قَالَ فَقَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِى إِذَا دُعِىَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى».
وهذا الحديث رواه أهل السنن، وأحمد، وما سبق أصح،
وثمة أحاديث أخرى في هذا الباب.
فهذه الأحاديث تدل على أن لله عز وجل اسمًا أعظم.