أدب التعزية والمواساة والدعاء للميت بالرحمة والغفران
عند تعزيتك ومواساتك أخاك أوقريبك أوأحد معارفك بمصابه ، يستحب أن تدعو لأخيك الميت ، بمثل ما دعا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة رضي الله عنه حين توفي وعزى به أهله :
'اللهم اغفر لأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين –أي كن له خليفة في ذريته الباقين من أسرته - ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، وآفسح له في قبره ، ونور له فيه '.
رواه مسلم
ويحسن أن يكون حديثك مع المعزى فيما يتصل بتخفيف وقع المصيبة، بذكر أجرها وأجر الصبر عليها،وأن الحياة الدنيا فانية منقضية، وأن الآخرة هي داز القرار. ويحسن ذكر بعض الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة المذكرة بذلك ، وذكر بعض الكلمات البليغة لبعض السلف ، فتذكر مثل قول الله لعالى:'وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجغون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك المهتدون'. ومثل قوله سبحانه :'كل نفس ذائقة وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلأ متاع الغرور'. و مثل قوله تعالى:'كل من عليها فان ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام' .
وتذكر مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : 'اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها' . رواه مسلم وغيره ، ومثل قوله عليه الصلاة والسلام : 'إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى'. رواه البخاري ومسلم . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في توديعه لابنه إبراهيم عليه السلام حين توفي : 'إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ' .
رواه البخاري ومسلم .
ومن المناسب أن تذكر من أقوال السلف في شأن التعزية وتهوين وقع المصاب ، أن سيدنا عمر رضي الله عنه كان يقول : كل يوم يقال : مات فلان وفلان ، ولا بد من يوم يقال فيه : مات عمر.
وتذكر قول الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : إن رجلا ليس بينه وبين أبيه آدم أب حي لعريق في الموت. وقول التابعى الجليل الحسن البصري رحمه الله تعالى : يا ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك . وقوله أيضا: إن الثه لم يجعل للمؤمنين راحة دون الجنة . وقول مالك بن دينار تلميذ الحسن البصري رحمهما الله تعالى : عرس المتقين يوم القيامة . قال الشاعر:
وإنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل
ومن لطيف الشعر الذي قيل في حال التعزية قول ا لقائل :
إنا نعزيك لا أنا على ثقة من الحياة ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد ميته ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
ومن لطيف ما يناسب المقام قول القائل :
نموت ونحيا كل يوم وليلة ولابد من يوم نموت ولا نحيا
وقول آخر وقد صور الحياة والغفلة عن نهايتها صورة صادقة :
وإنا لفي الدنيا كركب سفينة نظن وقوفا والزمان بنا يجري !
ودعاني إلى ذكر هذه الأقوال الكريمة من الايات والأحاديث وما بعدها، التي يلائم التحدث بها في حال التعزية، أني شاهدت بعض الأفراد يتناولون في خلال التعزية للمصاب بفقد قريب أو حبيب : أحاديث ناشزة عن الحال التى عليها المعزى المكلوم القلب ، مما ئستثقل ظله وتنفر منه الطبيعة الحزينة، وهذا خلاف الذوق والأدب في الإسلام .