أهمية المسارعة في التوبة
عد إلى الله جل وعلا، واعلم بأن الدنيا -أخي الحبيب- مهما طالت فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة؛ لأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لابد من دخول القبر، فالدنيا دار ممر، والآخرة هي دار المقر، فخذوا من ممركم لمقركم ولا تفضحوا أستاركم عند من يعلم أسراركم.
قال تعالى:
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
[الحديد:20]
.ولله در القائل:
إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطناً
جعلوها لجة واتخـذوا صالح الأعمال فيها سفناً
فالدنيا مزرعة -أيها الأحبة- أنا لا أريد أن أيئسك من الدنيا، أو أن أقنطك من الحياة، كلا. وإنما أقول لك ما قاله علي رضوان الله عليه بهذا الفهم العالي لحقيقة الدنيا حيث قال: [الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار نجاة لمن تزود منها، فالدنيا مصلى أنبياء الله، ومتجر أولياء الله، ومهبط رحمة الله، ربحوا فيها الرحمة، واكتسبوا فيها الجنة].
ازرع في هذه الدنيا واستعد، وأقبل إلى الله جل وعلا، وأفق وانتبه، واعلم أن العمر قصير، وبأن الدنيا إلى زوال، وأن الآخرة هي دار القرار، أقبل على الله وأنت على يقين بأن الله عز وجل سيفرح بتوبتك وهو الغني عنك، كما ذكرت إخوانكم قبل الآن فالله تبارك وتعالى يقول:
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
[الزمر:53]
.