افتقار العبد إلى ربه


الشيخ سفر الحوالي

يها الإخوة الكرام.. إن الله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر:15-17].


والافتقار إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شأن كل مخلوق في هذه الحياة، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاء [فاطر:15] فخاطب بها الناس جميعاً، فالملوك فقراء إلى الله تعالى، وأصحاب الأموال الطائلة فقراء إلى الله تعالى، والشباب والكبار، والعبيد والصغار فقراء إلى الله، وكل من على هذه الأرض فهو فقير بالذات إلى الله تعالى، والله هو المتفرد بالغنى المطلق، وهو الذي يقول: {يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم}

 

 

ومع حاجتنا جميعاً إلى أن يطعمنا ربنا، ويكسونا، وأن يهدينا الصراط المستقيم، ثم بعد ذلك بيَّن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غناه المطلق عنا جميعاً فقال:{يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً -ثم بين سبحانه كمال غناه في الرفق وفي الخير والعطاء فقال:- يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المِخْيَطْ إذا أدخل البحر}.

 

فانظروا إلى كمال غناه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غنىً مطلقاً من جميع الوجوه، وانظروا إلى شدة افتقارنا إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو فقر من جميع الوجوه، فنحن مفتقرون إليه في غذائنا، وفي لباسنا، وفي هدايتنا، وفي كل شيء، فما هي حياتك يا بن آدم؟ ما هي أنفاس تدخل وتخرج! إن توقفت لم يعد هذا النفس، وقالوا: رحم الله فلاناً، أصابته سكتة قلبية فمات، فإما أن يصعد الهواء فلا يدخل، وإما أن يدخل فلا يخرج، فهذا هو حال الذي يسير وكأنه يخرق الأرض، أو يبلغ الجبال طولاً، فهذه هي حالنا وهذا هو فقرنا وحاجتنا إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا هو غناه المطلق عنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ افتقار العبد إلى ربه

  • التسبيح و الاستغفار

    عبد العزيز الطريفي

    أكثر الأذكار التي كان النبي ﷺ يقولها كل يوم ( التسبيح ) و ( الاستغفار ) ؛ لأنّ التسبيح تعظيم لله ، و ⁧‫الاستغفار‬⁩

    09/06/2019 2628
  • الذنب كلما صغر في عين العبد عظم عند الله

    ابن القيم

    إنّ العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه و تصغر في قلبه ، و ذلك علامة الهلاك ؛ فإنّ الذنب كلما صغر في عين

    12/11/2017 4886
  • همسة:

    عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

    وربنا عز وجل يهب العطاء في الدنيا على سبيل الابتلاء ويهب العطاء في الآخرة على سبيل الأجر والجزاء. فعطاؤه في

    12/04/2022 758
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day