الإحسان يكون في كل شئ
ما أعظم إحسان المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ وما أحلمه و أرقه و أرأفه !
إذن ؛ الإحسان يكون في كل شئ ، و الإحسان يقتضي من المسلم أن يتقن عمله الذي كلف به ، و أن يعلم علم اليقين أن الله عز و جل ناظر اليه في عمله أيا كان هذا العمل ، سواء كان العمل لله تبارك و تعالى فهو يتقنه ، و إن كان العمل للدنيا فهو يتقنه أيضا ؛ لأنه إن صحت نيته فعمله للدينا من العبادة ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وَ فِيْ بِضْعِ احَدُكُمْ صَدَقَةٌ" (1).
و البُضْع في اللغة هو : الجماع أو الفرج نفسه ؛ ففي جماع الرجل امرأته صدقة إن صحت النية ؛ فكل عمل من أعمالك إن كان للدنيا – ما دام العمل حلال شرعا – إن صحت نيتك فيه ؛ فهو طاعة و عبادة لله عز و جل بشرط ألا يَحولَ هذا العملُ الدنيويُّ بينك و بين حق من حقوق الرب العلي ؛ كأن يجلس رجلا في محله ، فإن سمع الأذان يؤذن ظل في عمله لا يخرج لصلاة ! بدعوى أنه ما زال في العمل ، و عمله عبادة ! فإذا كان عملك في الدنيا يحول بينك و بين حق من حقوق الله تعالى ، و صحت نيتك ؛ فأنت في عبادة ، و ي طاعة لله – تبارك و تعالى – فالعبادة تسع الحياة كلها ، كما سأفصل – إن شاء الله – فالإحسان شجرة ظليلة ، و الحسنات ثمرات هذه الشجرة في الدينا قبل الآخرة ؛ فأي عمل تحسنه ، و تصحح فيه النية ؛ فهو عبادة لله رب البرية .
فتصحيح النية و القصد في الإحسان – كما ذكرت – بل هي الدرجة الثانية بعد الإحسان مع الله .
فالحسنات شجرة تنبثق من هذه الشجرة الذكية – ألا و هي شجرة الإحسان – فأنت تحصل أيها المحسن ثمرات الإحسان لأي عمل في الدنيا قبل الآخرة .
-----------------
(1)أخرجه مسلم ، كتاب " الزكاة " باب بيان ان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (1006).