الإيمان و توحيد الأنبياء والمرسلين
والإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان. ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا نعلم أنه حق وصدق وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه مثل حديث الإسراء والمعراج، وكان يقظة لا مناماً فإن قريشاً أنكرته وأكبرته ولم تكن تنكر المنامات، ومن ذلك أشراط الساعة مثل خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل، وعذاب القبر ونعيمه حق وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه وأمر به(1) في كل صلاة، وفتنة القبر حق وسؤال منكر ونكير حق والبعث بعد الموت حق وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور
"فَإِذَا هُم مِّنَ الأجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ"
([2])
ويحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً (غير مختونين) - بهماً - (ليس معهم شيء) فيقفون في موقف القيامة حتى يشفع فيهم نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم . ويحاسبهم الله تبارك وتعالى وتنصب الموازين وتنشر الدواوين وتطاير صحائف الأعمال إلى الأيمان والشمائل.
توحيد الأنبياء والمرسلين([3])
وهذا هو التوحيد الحقيقي الصحيح، وهو الذي لا يصدق على مسماه سواه، فإنه الاعتراف بتوحيد الباري بكل صفة كمال وجمال وجلال ومجد وحمد وعظمة وكبرياء والعمل بمقتضى هذا من التعظيم الكامل لله والحب التام والخضوع له وإخلاص العمل له فهو نوعان علمي اعتقادي وعملي. وقدم المصنف الاعتقادي لأن التوحيد العملي يتفرع عنه ويقوى بقوته، ولأنه أكبر البراهين على توحيد الألوهية ووجوب إفراد الباري بالعبادة، ولأن معظم الخلاف مع أهل الكلام الباطل في هذا النوع.
وهذا النوع مبني على أصلين عظيمين أحدهما تنزيه الباري، وتقديسه عما لا يليق بجلاله وما ينافي كماله، وحاصل هذا النوع يعود إلى تنزيه الله عن مشاركة أحد من المخلوقين لله في شيء من صفات كماله أو في حق من حقوقه وخصائصه، وإلى حفظ كماله عن أمور ثلاثة: عن تشبيهها بصفات المخلوقين، أو نفيها عن الله، أو نفي بعض معانيها، فيعلم أن له الكمال المطلق الذي لا يمكن التعبير عن عظمته وكنهه، وأن له من ذلك الكمال غايته ومنتهاه وأكمله فهو المنزه عن الشريك والظهير والعوين والشفيع بلا إذنه، وهو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وهو المنزه عن السنة والنوم والموت والتعب واللغوب، وأن يغيب عن سمعه أو بصره أو علمه شيء، وهو المنزه عن كل ما ينافي كماله وعظمته وجلاله.
المراجع
- أي بالاستعاذة من عذاب القبر.
- الأجداث: القبور، وينسلون: يسرعون.
- من توضيح الكافية الشافية (نونية ابن القيم) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ص 84 – 99.