الانشغال بالذكر عند قراءة القرآن
إن قصد المسلم سماع القرآن قصدًا ، فإنه لا ينشغل عنه بشي ، هذا هو الأولى في حقه ، وهو من تمام تعظيمه لكلام الله تعالى ، يقول النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (92) " ومما يُعْتنى به ويتأكد الأمر به : احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين ، فمن ذلك : اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة ، إلا كلاما يضطر إليه ، وليمتثل قول الله تعالى : ( وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) وليقتد بما رواه ابن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أنه كان إذا قُرئ القرآنُ لا يتكلم حتى يُفرَغَ منه ) " انتهى .
فإن لم يقصد الاستماع للقرآن ، فلا بأس أن ينشغل بالذكر ونحوه ، لأنه حينئذ لم يقصد إلى الاستماع قصدًا.
وقد سئل الشيخ سعد الخثلان، حفظه الله:
" هل يجوز الجمع بين سماع القرآن، والذكر والاستغفار؟ أم لا بد من الإنصات؟
فأجاب:
"إذا أنصتت: فإنها لا تنشغل بشيء آخر.
إذا قصدت الإنصات لتلاوة القرآن، فلا يقال للإنسان: إنه منصفت، إلا إذا قصد الاستماع، ولم يشتغل بشيء آخر.
لكن الإنصات: لا يجب إلا في الصلاة. ولذلك، فإن قول الله عز وجل: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأعراف/204، قال الإمام أحمد : أجمع الناس على أنها نزلت في الصلاة ...
وأما خارج الصلاة : فإنه يكون مستحبا. فإذا أنصتت، فإنها لا تشتغل بشيء آخر.
لكنها إذا لم تنصت، وتسمع، وليس تستمع، هنا: لا بأس أن تشتغل بالذكر، أو بأي أمر آخر." .
وأما إذا كان للقارئ سكتات طويلة، كمن يقرأ ما يسمى : "قراءة التجويد" ، ويفصل بين الآية وأختها بفاصل، والمستمع ينشغل في هذا الفاصل: بذكر الله، أو الاستغفار ، أو نحو ذلك: فهذا لا إشكال في جوازه، ومشروعيته، ولا تعارض له مع الإنصات، أو الاستماع، بحال .