السادس من ثمرات : الاخلاص استقامة احوال المجتمعات
الشيخ / خالد بن عثمان السبت
إذا تحقق الإخلاص فإنّ أمور الناس تكون على استقامة ، يصلُح بذلك الراعي و الرعية ، إذا صلحت نيات الناس استقامت أمورهم و اعتدلت أحوالهم ، كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بأنّ مِلاكَ ذلك جميعا ً بحسن النية من الرعاة للرعية ، و إخلاص العمل لدين الله عز وجل و التوكل عليه فإن الإخلاص و التوكل جماع صلاح الخاصة و العامة ، فإذا كانت نيات الناس طيبة حسنة صلحت شؤونهم ، و إذا كانت نياتهم سيئة و فاسدة فإن أمورهم تختل و تفسد و تضطرب حياتهم .
و أما الأمر السابع من ثمرات الإخلاص :
فهو أنّ صاحبه يثبت على العمل و يستمر ، فلا يحصل له انقطاع ؛ لأنّ الإخلاص يُمد أصحابه و أهله بقوة الاستمرار ؛ لأنّ الذي يعمل من أجل الناس ، الذي يعمل أيضاً من أجل شهوته ، لشهوة البطن أو لشهوة الفرج ، فإنّ سرعان ما ينقطع ، و يكف إذا لم يجد ما لا يُشبع شهوته ، الذي يعمل أملاً في أن يُحصل رئاسةً أو شهرةً أو منصباً ، فإنّه يتراخى و يتثاقل و ينقطع إذا لاح له أنّ أمله بعيد المنال .
أما الذي يعمل من أجل فلان من الناس ، فإنّ فلاناً إذا ذهب أو انصرف عنه أو مات ، فإنّ هذا العمل يتلاشى و يضمحل و يزول ، أما من كان عمله لله عز وجل ، فإنّه لا ينقطع و لا ينثني و لا يسترخي أبداً ؛ لأنّ الذي يعمل من أجله لا يغيب و لا يزول ، فوجه الله باقٍ إذا غابت الوجه ، و لهذا قال بعض السلف : " ما كان لله دام و اتصل ، و ما كان لغير الله انقطع و انفصل " ، و الواقع يدل على ذلك ، الذي يعمل من أجل أن يقدره الآخرون ثم لا يجد هذا التقدير منهم ، فإنّه سرعان ما يمل و يُعرض عن هذا العمل ، و يبحث عن شغلٍ آخر يُشغل به نفسه و وقته ، الذي يعمل من أجل المحمدة و المنزلة في نفوس الناس ، إذا رأى أنّ الناس لما يلتفتوا إليه و لم يقدروا أعماله و جهوده ، فإنّه فسرعان ما يتبرم بهم ، و سرعان ما يضمحل عمله و يتلاشى جهده ، فينقطع عن هذا الجهد و العمل .