العظيمُ


سعيد بن علي بن وهف القحطاني

 

قال الله تعالى: ]وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [([1]).

الله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم، فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له، ولا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يُثني عليه عباده.

واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان:

النوع الأول: أنه موصوفٌ بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه، وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء والعظمة، ومن عظمته أن السموات والأرض في كفِّ الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره، وقال تعالى: ]وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [([2])، وقال تعالى: ]إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ [([3]). وقال تعالى: ] وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [ ([4])،
]تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ [([5]) الآية. وفي الصحيح عنه r: ((إنَّ الله يقول: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما عذبته))([6]) فلله تعالى الكبرياء والعظمة، الوصفان اللذان لا يُقدَّر قدرهما، ولا يُبلغ كنههما.

النوع الثاني من معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يُعظّم كما يُعظّم الله، فيستحق جلّ جلاله من عباده أن يعظِّموه بقلوبهم، وألسنتهم، وجوارحهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته، والذُّلِّ له، والانكسار له، والخضوع لكبريائه، والخوف منه، وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته.

ومن تعظيمه أن يُتقى حقَّ تقاته، فيُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكَر فلا يُكفَر.

ومن تعظيمه تعظيم ما حرّمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال ]ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [([7])، وقال تعالى: ]ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ [([8]).

ومن تعظيمه أن لا يُعترض على شيء مما خلقه أو شرعه([9]).


-----------------------------------

([1]) سورة البقرة، الآية: 255 .

([2]) سورة الزمر، الآية: 67 .

([3]) سورة فاطر، الآية: 41 .

([4]) سورة البقرة، الآية: 255

([5]) سورة الشورى، الآية: 5 .

([6]) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكبر، برقم 2620.

([7]) سورة الحج الآية 32.

([8]) سورة الحج الآية 30.

([9]) الحق الواضح المبين، ص27-28، وشرح القصيدة النونية للهراس، 2/68، وتوضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن عيسى، 2/214.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ العظيمُ

  • من معاني اسم الله (العظيم)

    أحمد بن عثمان المزيد

    من أسمائِه تعالى: (العظيم) قال تعالى:  ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾

    13/11/2021 637
  • الجزء الثاني عشر

    فريق عمل الموقع

    110 - وأخرج أبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "من قالَ حين يصبحُ: اللهم ما حلفتُ من حلفٍ أو قلتُ من قولٍ أو

    10/05/2010 3137
  • ما معنى أسماء الله الحسنى: الظاهر والباطن؟

    موقع السنة

    السؤال:السلام عليكم. ما معنى أسماء الله الحسنى: الظاهر والباطن؟ الجواب:بسم الله الرحمن الرحيمالظاهِرُ والباطِنُ من

    24/05/2021 1158
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day