الفرق التي أشركت بالربوبية
الفرق التي أشركت بالربوبية([أ])
هناك أقوامٌ أشركوا بالربوبية، وفِرَقٌ أشركت به، ومن هؤلاء:
1_المجوس:الأصلية قالوا بالأصلين: النور والظلمة، وقالوا: إن النور أزليٌّ، والظلمة محدثة.
2_الثنوية:أصحاب الاثنين الأزلييّن : الذين يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، بخلاف المجوس الذين قالوا بحدوث الظلام، لكن قالوا باختلافهما في الجوهر، والطبع، والفعل، والخبر، والمكان، والأجناس، والأبدان، والأرواح، ولم يقولوا بتماثلهما في الصفات والأفعال، كما ترى، وإن قالوا بتساويهما في القدم.
3_المانوية:أصحاب ماني بن فاتك: قالوا: إن العَالَمَ مصنوع من أصلين قديمين، ولكن قالوا باختلافهما في النفس، والصورة، والفعل، والتدبير.
4_النصارى: القائلون بالتثليث: فالنصارى لم يثبتوا للعالم ثلاثة أرباب ينفصل بعضها عن بعض، بل هم متفقون على أنه صانع واحد يقولون: باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد، ويقولون: واحد بالذات ثلاثة بالأقنوم.
أما الأقانيم فإنهم عجزوا عن تفسيرها.
وقولهم هذا متناقض أيما تناقض وتصوره كافٍ في رده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :ولهذا قال طائفة من العقلاء:إن عامة مقالات الناس يمكن تصورُها إلا مقالة النصارى وذلك أن الذين وضعوها لم يتصوروا ما قالوا، بل تكلموا بجهل، وجمعوا في كلامهم بين النقيضين ولهذا قال بعضهم: لو اجتمع عشرة نصارى لتفرقوا عن أحدَ عشرَ قولاً.
وقال آخر:لو سألت بعض النصارى وامرأته وابنه عن توحيدهم لقال الرجل قولاً، وامرأته قولاً آخر، وابنه قولاً ثالثاً([1]).
وقال ابن القيم في معرض رده عليهم:أما خبر ما عندكم أنتم فلا نعلم أمةً أشدَّ اختلافاً في معبودها منكم؛ فلو سألت الرجل، وامرأته، وابنته، وأمه، وأباه، عن دينهم لأجابك كلٌّ منهم بغير جواب الآخر([2]).
بل قيل فيهم:لو توجهت إلى أي نصراني على وجه الأرض، وطلبت منه أن يصور لك حقيقة دينه، وما يعتقده في طبيعة المسيح تصويراً دقيقاً _ لما استطاع ذلك ([3]).
هذا وقد بيَّن الشيخ الهندي في كتابه (إظهار الحق) ما عندهم من التناقض، وكذلك الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (محاضرات في النصرانية).
5_القدرية:هم في الحقيقة مشركون في الربوبية، وهذا لازم لمذهبهم؛ لأنهم يرون أن الإنسان خالقٌ لفعله، فهم أثبتوا لكل أحد من الناس خَلْقَ فعله.
والخلق إنما هو مما اختص الله به، قال _ تعالى _:[وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ](الصافات: 96).
وأفعال العباد لا يخرجها شيء من عموم خلقه_عز وجل_([4]).
6_الفلاسفة الدهرية:في قولهم في حركة الأفلاك بأنها تسعة، وأن التاسع منها وهو الأطلس يحرك الأفلاك كلها، فجعلوه مبدأ الحوادث، وزعموا أن الله يحدث ما يقدره في الأرض.
7_عبدة الأصنام من مشركي العرب وغيرهم: ممن كانوا يعتقدون أن الأصنام تضر وتنفع، فيتقربون إليها، وينذرون لها، ويتبركون بها.
8_غلاة الصوفية: لغلوهم في الأولياء، وزعمِهم أنهم يضرون، وينفعون، ويتصرفون في الأكوان، ويعلمون الغيب، ولقولهم بوحدة الوجود، وربوبيةِ كلِّ شيءٍ([5]).
9_الروافض: لقولهم بأن الدنيا والآخرة للإمام، يتصرف بها كيف يشاء، وأن تراب الحسين شفاءٌ من كل داء، وأمانٌ من كل خوف، ولقولهم: إن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا بإذنهم. وهذا باطل، وبطلانه لا يحتاج إلى دليل، بل إن فساده يغني عن إفساده([6]).
10_النصيرية: لقولهم بألوهية علي بن أبي طالب ÷ وبأنه المتصرف بالكون، لوصفهم إياه بأوصاف لا يجوز أن يوصف بها أحد إلا الله _ عز وجل _ مع اختلاف أقوالهم في هذا؛ فبعضهم يقول: إنه يسكن في الشمس ويُسَمَّون بـ: الشمسية.
وبعضهم يقولون: إنه يسكن في القمر، ويُسَمَّون بـ: القمرية.
وبعضهم يقولون: إنه يسكن في السحاب، ولذا إذا رأوا السحاب قالوا: السلام عليك يا أمير النحل([7]).
11_ الدروز:لقولهم بألوهية الحاكم بأمر الله العبيدي، وغلوهم فيه، ووصفِه بأوصافٍ لا تليق إلا بالله وحده، كقولهم عنه: إنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور([8]).
12_ من يعتقدون تأثير النجوم والكواكب والأسماء:وذلك كحال الذين يتتبعون الأبراج ويقولون _ رجماً بالغيب _ إذا ولد فلان في البرج الفلاني أو الشهر الفلاني أو اليوم الفلاني، أو كان اسمه يبدأ بحرف كذا أو كذا _ فسيصيبه كذا وكذا، ويضعون عليها دعاياتٍ تقول: مِنْ شهر ميلادك تعرف حظك، أو من اسمك تعرف حظك.
كل ذلك شرك في الربوبية؛ لأنه ادعاءٌ لعلم الغيبِ، والغيبُ لا يعلمه إلا الله وحده لا شريك له.
13_ القانونيون:الذين يَصدون ويصدفون عن شرع الله، والذين يحكمون الناس بالقوانين الوضعية، التي هي من نحاتة أفكارهم، وزبالة أذهانهم.
فهؤلاء محاربون لله، منازعون له في ربوبيته وحكمه وشرعه ([9]).
----------------------------
([أ]) انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، تحقيق الشيخ أحمد شاكر، ص24_26.
([1]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية 2/155.
([2]) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم، ص321.
([3]) ما يجب أن يعرفه المسلم عن حقائق النصرانية والتبشير لإبراهيم الجبهان، ص13.
([4]) انظر مجموع الفتاوى8/258، والإيمان بالقضاء والقدر للكاتب ص173_174.
([5]) انظر هذه هي الصوفية لعبد الرحمن الوكيل، ص35_38 و133.
([6]) انظر الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب، تحقيق: محمد مال الله، ص69، وانظر مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، د.ناصر القفاري، ج1/290، والشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير، ص66.
([7]) انظر الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، د.محمد بن أحمد الخطيب، ص341، ودراسات في الفرق لصابر طعمية، ص42، والنصيرية، د.سهير الفيل،ص93_103، والباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية لسيلمان الأذني، دار الصحوة.
([8]) انظر عقيدة الدروز، عرض ونقض د.محمد بن أحمد الخطيب، ص117، وانظر الحركات الباطنية، ص233_238.
([9]) انظر رسالة تحكيم القوانين لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم .