بعض من آيات الله في الأرض
فلنتفكر يا أخي الحبيب في الكون وما فيه من نظام دقيق، فالنجوم تسير في مسارات محددة، وتسير من حولها الكواكب التابعة لها بدقة ونظام تام، والأرض تجري في مسار محدد حول نفسها، فيكون الليل والنهار آيتين من آيات الله سبحانه، ويجري من حولها القمر فيدلنا على مواقيت الشهر، ولبعد الأرض عن الشمس مقدار مناسب لا يزيد ولا ينقص، فلو زاد هذا البعد لتجمدت المحيطات، وأصبح الجو بارداً جدًا يصعب على الإنسان العيش فيه، ولو نقص تبخرت المحيطات والأنهار وأصبح الجو حارًا جدًا يصعب على الإنسان العيش فيه، والأرض بعد ذلك مذللة ومهيأة بقدر الله سبحانه وإرادته، ولا نعرف لحيننا كوكبًا آخر على مثلها من الجمال وبديع الصنع .
فالبخر يحدث بإذن الله من البحار فيتشكل السحاب ثم تجري به الريح بأمر ربها إلى اليابسة ليسقط مطرًا أو بردًا أو ثلجًا أبيض ناصعًا، واليابسة عليها التربة، وهذه – بما شاء الله لها – التركيبة العجيبة في الخواص الفيزيائية والكيميائية وما تحتويه من العناصر مهيأة لأن تكون خصبة فينبت بها الزرع والأشجار والخضار، والرطب واليابس أصنافًا كثيرة جدًا متنوعة الطعم والمنظر، شهية للإنسان والدواب وغيرها، فتسد حاجة الإنسان من الطعام وتنفجر الينابيع العذبة الرقراقة، وتجري الأنهار فيشرب منها الإنسان والدواب وينتفع بها لحاجات أخرى، سبحان الله! أليس هذا مترابطًا ويدل على خالق عظيم... بلى والله .
و الأرض أيضًا لها «جاذبية أرضية» معتدلة المقدار، لا يطير الإنسان وغيره عنها لمجرد الحركة فيقع ببعد ذلك ويتأذى، ولا يحتاج لعناء شديد كي يتحرك عليها، فهي مضبوطة الجاذبية للحفاظ على الحياة عليها .
وللأرض غلاف جوي يحيطها ويحميها من الإشعاعات الضارة بالأحياء جميعًا، وفيه أيضًا غازات محددة التركيز، فالأوكسجين بتركيزه الحالي مناسب لحياة الإنسان، فالزيادة الشديدة منه تتلف الرئة وغيرها من أعضاء الجسم، والنقص الشديد به تتعذر الحياة معه، وهو ثقيل ملاصق للأرض تكون نسبته أعلى في الوديان منها في الجبال، لذا يبذل سكان الجبال جهدًا في الصدر للحصول عليه، فتكون صدورهم أضخم من سكان الوديان، وينقص بشدة خطيرة كلما صعدنا في السماء، فلنسمع معجزة القرآن أيها الأخ الحبيب، قال تعالى: ( وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) [الأنعام: 125].