تاسعًا : كيف ننمى الإخلاص في قلوبنـا و كيف ندافع الرياء؟
نحن عرفنا أيها الإخوان أنّ الإخلاص شديد ، و أنّه صعب على النفوس ، و عرفنا علة ذلك ، فهنا أذكر جملة من الأمور التي يمكن للعبد معها أن يقوي إخلاصه و أن يدفع أضداده من قلبه .
فأول هذه الأمور : أن يستعين بالله عز وجل علي هذا الإخلاص ، و أن يتعوذ بالله تبارك و تعالى من الرياء ، وأن يراقب ربه و أن يراقب عمله ، و قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنّه قال :
" يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك ، فإنّه أخفى من دبيب النمل ، فقال له من شاء الله أن يقول : و كيف نتقيه و هو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال : قولوا ( اللهم إنّا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه و نستغفرك لما لا نعلمه " .
فالعبد لا غنى له عن ربه و مولاه جل جلّ جلاله أن يصرف عنه هذه المقاصد السيئة التي تعتلج في نفسه ، و قل أن يتخلص منها أحد ، و قد قال علي بن الحسين زين العابدين : اللهم إنّي أعوذ بك أن تُحسّن في لوائح العيون علانيتي و تُقبّح في خفيات العيون سريرتي ، اللهم كما أَسأتُ و أحسنتَ إليّ فإذا عدت فعد عليّ .
و كان من دعاء مُقرّف ابن عبد الله ابن شِخير أنّه كان يقول : اللهم إنّي استغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه ، و استغفرك مما جعلته لك على نفسي ثم لم أفي لك به ، و استغفرك مما زعمت أنّي أردت به وجهك فخالط قلبي منه ما قد علمت .
فَمرّغ وجهك بين يدي الله عز وجل ، و أسأله أن يصحح قصدك و نيتك ، فإنه لا بلاغ إلا بإعانته و تسديده و توفيقه ، و إذا تخلى الرب عن العبد فإنّ العبد يُخذلُ أحوج ما يكون إلى الإعانة ، و من التفت إلى نفسه و إلى قوته و طاقته و علمه و جهده و ذكاءه خُذل .