ثالثا من اثاره السيئه اعراض القلب عن الله وانشغاله بغير الله
فيصير عبداً لهذا الذي أراد منه مصلحة ، أو أراد منزلةً في نفسه و قلبه ، يقول ابن القيم رحمه الله : " و أصل الغي من الحب لغير الله ؛ فإنّه يُضعف الإخلاص به و يقوى الشرك بقوته ، فأصحاب العشق الشيطاني لهم من تولي الشيطان و الإشراك به بقدر ذلك ، بما فيه من الإشراك بالله ، و لما فاتهم من الإخلاص له ، ففيهم نصيبٌ من اتخاذ الأنداد ، و لهذا ترى كثيراً منهم عبداً لذلك المعشوق ، متيمٌ فيه ، يصرخ في حضوره و مغيبه أنّه عبده ، فهو أعظم ذكراً له من ربه ، و حبه في قلبه أعظم من حب الله فيه ، و كفى به شاهداً بذلك على نفسه ،
(بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ ) .
يقول : فلو خُير بين رضاه و رضى الله ، لاختار رضا معشوقه على رضا ربه ، و لقاء معشوقه أحب إليه من لقاء ربه ، و تمنيه لقربه أعظم من تمنيه لقرب ربه ، و هربه من سخطه عليه أشد من هربه من سخط ربه ، يُسخط ربه بمرضاه معشوقه ،
و يقدم مصالح معشوقه و حوائجه على طاعة ربه ، فإن فضل من وقته فضلة و كان عنده قليل من الإيمان ، صرف تلك الفضلة في طاعة ربه ، و إن سارق الزمان حوائج معشوقه و مصالحه ، صرف زمانه كله فيها و أهمل أمر الله تعالى ، يجود لمعشوقه بكل ما فيه ، و يجعل لربه من ماله إن جعل له كل رذيلة .