ثامناً أن من كان من أصحاب الاخلاص فأن الله يجعل له من القبول ما لا يجعل لغيره
الإمام مالك رحمه الله حينما ألف الموطأ ، قال له قائلون : إنّ الموطأت كثيرة – يعني ألّف كثيرون في مثل هذا النوع من المصنفات - ، فقال : " ما كان لله فإنّه يبقى " . فانظروا أين تلك الموطأت التي أشار إليها هذا القائل ؟ أين هي ؟ و ما الذي بقي ؟ الذي بقي موطأ الإمام مالك ، فإذا أُطلق فقيل الموطأ ، انصرف ذلك مباشرةً إلى الإمام مالك رحمه الله .
و هكذا لما قيل للحافظ ابن حجر رحمه الله حينما شرع في شرح الصحيح - صحيح البخاري - فقيل له : إنّ شراح الصحيح كثير ، فقال : " ما كان لله فهو يبقى " ، فبقي كتابه متداولاً ينتفع به الناس إلى ساعتنا هذه .
يقول ابن عقيل الحنبلي رحمه الله - واصفاً أحد شيوخه - : يقول كان لا يُخرج شيئاً إلى فقير إلا أحضر النية ، و لا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله و إخلاص القصد في نصرة الحق دون التزين و التحسين للخلق ، و لا صنف مسألةً إلا بعد أن صلى ركعات ، فلا جرم شاع اسمه و اُشتهرت تصانيفه شرقاً و غرباً ، يقول : هذه بركات الإخلاص .