صور الفتنة
إن الفتنة تأخذ صوراً شتى، منها: أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله، ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويساعده ولا القوة التي يواجه بها الأذى والطغيان من أعداء الله تعالى ورسله. ومنها: فتنة الأهل والأحباب الذين يخشى عليهم الإنسان أن يصيبهم بسببه أذى وهو لا يملك لهم دفعاً، وقد يهتفون به ليسالم أو يستسلم أو يحفظهم في قرابتهم. ومنها: فتنة إقبال الدنيا على أهل الباطل وأهل الكفر، وتعظيم الناس لهم وهم ملء سمع الدنيا وملء بصرها، وهو مهمل منكر لا يحس به أحد ولا يشعر بقيمة الحق الذي معه إلا القليل. ومنها: فتنة الغربة، غربة الإنسان في بيته، استيحاشه في عقيدته حين ينظر المؤمن فيرى ما حوله غارقاً في الضلالة وهو وحده موحش غريب طريد. ومنها: فتنة ظهور الأمم الكافرة المنحلة الغارقة في الرذيلة ورقيها في مجالات الحضارة المادية رقياً هائلاً، وهي مع ذلك محادة لله تعالى. ومنها: فتنة إبطاء النصر عن المؤمنين وتعرضهم للأذى والضرب والتنكيل والقتل والتشريد على أيدي أعداء الله تعالى وأعداء رسله.
ومنها: فتنة فتح الدنيا على الإنسان بالمال، أو الجاه، أو الوظيفة، أو المنصب، كما قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فيما رواه أهل السنن وهو صحيح، قال: [[ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر]]. إذاً: هي فتن عظيمة، منها فتن الدنيا، وفتن الدين، وفتنة السراء والضراء، وفتنة الأهل والمال والولد، والمجتمع، وفتنة موت الأقارب والأحبة، والأصحاب، وفوات المال والفقر والجوع، كما قال الله تعالى: وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ [البقرة:155]. ومنها فتنة ضعف الإنسان وقلته وذلته وعدم وجود الناصر والمعين، ولا بد للعبد أن يصبر على هذا كما يصبر على ذاك.