عبادة الأصنام إنما هي عبادة للأولياء - 1
عبادة الأصنام إنما هي عبادة للأولياء
فقلت له: نعم لقد ثبت هذا النهي عن عبادة الأصنام وعن عبادة الأولياء، وهذا صراحة يدين القبوريين بعبادة غير الله لأنهم يعبدون الأولياء، ولو لم يأت في القرآن إلا النهي عن عبادة غير الله مع ذكر الأصنام وإهمال ذكر الأولياء لاعتبرنا القبوريين عبدة أولياء لأن هؤلاء الأولياء هم غير الله، توجه إليهم هؤلاء القبوريون بنفس العبادة التي يتوجه بها المشركون إلى أصنامهم (الدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء) وهذا على فرض أن المشركين الأولين لم يعبدوا إلا أصنامًا وأوثانًا من الحجر والنحاس والذهب وغير ذلك من الجمادات.
ولكن الثابت أن أولئك المشركين كانوا يعبدون الأولياء والصالحين لذاتهم، ويعبدون الأصنام والأوثان والتماثيل لا لذاتها وإنما تبعًا لعبادة معبوديهم الحقيقيين من الأولياء والصالحين الذين أقيمت بأسمائهم هذه الأصنام والأوثان والتماثيل، كما بينته لك فيما مضى بالأدلة القطعية.
لهذا يصفهم الله سبحانه وتعالى مرة بأنهم عباد أصنام، ومرة عباد أولياء، فهم عباد أصنام بالسعي إليها والطواف حولها والعكوف عليها وتقديم القرابين لها، وهم أيضًا عباد أولياء بدعائهم لأصحاب هذه الأصنام وطلب حوائجهم منهم والاعتماد عليهم شفعاء ووسطاء عند الله دون أن يأذن لهم بذلك.
وهكذا القبوريون اليوم، يقبلون أستار الضريح ويطوفون حوله، ويزينونه ويبنون القباب عليه ويقربون له النذور، فهم بهذا عباد قبور صراحة وعباد أولياء ضمنًا.
ثم هم في طوافهم حول ضريح يدعون صاحبه الميت، ويستغيثون به ويستنجدون، ويطلبون المدد، فهم بهذا عباد أولياء صراحة، وعباد قبور ضمنًا.
فإن سميتهم عباد قبور فأنت صادق، باعتبار ما يصنعونه للقبور، وإن سميتهم عباد أولياء فأنت صادق باعتبار ما يعبدون به أولياءهم من دعاء ونذر وحلف وخوف ورجاء، وهم، هم في الحالين بشركهم الأكبر، وإن سميتهم عباد أوهام وشهوات فأنت صادق، فعابد القبر إنما فتنه هواه فأضله فعبده، وعابد القبر إنما يصور في الضريح ويصنع له ما تنزو به شهواته . (دعوة الحق ص62 للأستاذ عبد الرحمن الوكيل)