عظمة الخالق سبحانه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة الحق والرضا.
وأشهد أن نبينا محمد rنبي العدل والهدى.
أما بعد:
فإن الله جل وعلا خلق العباد، وأوجد الخلق لعبادته وحده سبحانه، وهو غني عن عبادتهم،ولكن ما ذاك إلا ليختبرهم ويمتحنهم، وليجزيهم بأعمالهم فمن أطاع وشكر وعبد الله وحده دون سواه فله النعيم، ومن عصى وتكبر وكفر بالله عز وجل وأشرك معه غيره فله الجحيم.
فقد أخبر الله عز وجل أنه خلق الثقلين لعبادته، فقال سبحانه: ]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[[الذاريات: 56].
كذلك أخبر سبحانه أنه ما من شيء إلا يعبد الله، ولكن لا يعلم ذلك إلا الله، فقال المولى جل وعلا: ]وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ[[الإسراء: 44].
والله عز وجل لم يخلق الخلق عبثًا وهملاً، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وإنما خلقهم لعبادته وحده سبحانه لا شريك له، ثم بعد ذلك يعودون إليه ليجازيهم بأعمالهم. قال تعالى: ]أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ[[المؤمنون: 115].
وقال تعالى: ]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[[الزلزلة: 7، 8].
فكل مجزي بعمله يوم القيامة، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره.
فمن أطاع عز وجل فقد فاز بالجنة والحسنى، ومن عصى الله تعالى فقد باء بالنار والعسرى.
وقد أمر الله تعالى بإخلاص العبادة له، وحده لا شريك له، قال تعالى: ]وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[
[البينة: 5].
وقال رسول الله صل الله عليه و سلم : «إنما الأعمال بالنيات...» [متفق عليه]، وقال r: «إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [مسلم].
فلا بد لقبول العمل من شرطين:
1- أن يكون خالصًا لله عز وجل.
2- أن يكون صوابًا موافقًا لما جاءت به الشريعة.
فإذا توافر في العمل الشرطان السابقان فهو بإذن الله تعالى مقبول ومأجور صاحبه عليه.
ويجدر بنا قبل الخوض في حقوق الله تعالى على عباده أن نتعرف على عظمة الخالق سبحانه، لما في ذلك من زيادة الإيمان بإذن الله المنان.
- الله خالق كل شيء:
فكل ما سوى الله عز وجل مخلوق له، مربوب مدبَّر، مخيَّر مسيَّر، مكون بعد أن كان لا شيء، جميع الخلق ملكه وعبيده، وتحت قهره وقدرته، وتحت تصريف مشيئته، قال تعالى: ]اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ[[الزمر: 62].
وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله rيقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء».
وعند الإمام أحمد، عن عبادة بن الصامت : قال: قال رسول الله : «إن أول ما خلق الله القلم، ثم قال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة».
قال تعالى: ]فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ[[المؤمنون: 116].
وقال تعالى: ]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[[طه: 5].
فالله هو الخالق الواحد الوهاب، خالق خلقه من تراب، وقاهر الصلاب، ومسبب الأسباب، ورب الأرباب، فلا إله إلا الله العزيز الغفار، ولا حول ولا قوة إلا بالله الكبير المتعال، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
2- الكرسي:
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، قال السدي: السموات والأرض في جوف الكرسي، والكرسي بين يدي العرش، وعن ابن عباس أنه قال: لو أن السموات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة، قال تعالى: ]وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ[[البقرة: 255]. وقال r: «ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض».
3- اللوح المحفوظ:
وسأذكر ما يخص اللوح المحفوظ بنص ما ذكره ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية، فقال رحمه الله: عن ابن عباس: أن النبي rقال: «إن الله خلق لوحًا محفوظًا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، لله فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء»، وقال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش.
4- خلق السموات والأرض:
قال تعالى: ]خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ[[السجدة: 4].
وقال تعالى: ]ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[[البقرة: 29].
وقال تعالى: ]اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[[الطلاق: 12].
وفي البخاري: قال r: «كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض».
وعن أبي هريرة tقال: أخذ رسول الله بيدي فقال: «خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر خلق خلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل» [أحمد، ومسلم].
فامتن الله على عباده بما خلق لهم من البحار والأنهار، فالبحر المحيط بسائر أرجاء الأرض، وما ينبت منه في جوانبها الجميع مالح الطعم مر، وفي هذا حكمة عظيمة لصحة الهواء، إذ لو كان حلوًا لأنتن الجو وفسد الهواء بسبب ما يموت فيه من الحيوانات، فكان يؤدي إلى تفاني بني آدم، ولكن اقتضت الحكمة البالغة أن يكون على هذه الصفة لهذه المصلحة.
ولهذا لما سئل النبي عن البحر، قال: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».
وأما الأنهار فماؤها حلو عذب فرات سائغ شرابه لمن أراد ذلك، وجعلها الله جارية سارحة ينبعها في أرض ويسوقها إلى أخرى رزقًا للعباد.
5- خلق الملائكة وصفاتهم:
الملائكة خلق من خلق الله تعالى، خلقهم لغايات سامية، وأمور عديدة لا يعلمها إلا عالم الخفيات؛ فمنهم الموكل بإنزال الوحي على الأنبياء والرسل وهو جبريل u، وقد رآه النبي rعلى صورته الحقيقية التي خلقه الله عز وجل عليها وله ستمائة جناح، ما بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب.
ومنهم إسرافيل وهو الملك الموكل بالنفخ في الصور، ومنهم ميكائيل وهو الموكل بإنزال المطر، ومنهم ملك الموت وهو الموكل بقبض الأرواح، وبحيال البيت الحرام يوجد البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من الملائكة يصلون فيه لا يعودون إلى يوم القيامة، ولا يعلم عدد الملائكة إلا الله عز وجل قال r: «إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا ولما تلذذتم بالنساء على الفرشات، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل» فقال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد.
وفي حديث آخر: «ما في السموات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا فيه ملك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعًا: ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لا نشرك بك شيئًا».
ومن الملائكة من هو موكل بتصريف الرياح والسحاب بإذن ربهم، ومنهم أعوان ملك الموت، ومنهم رضوان خازن الجنة، ومنهم مالك خازن النار، ومنهم الزبانية، ومنهم فتانا القبر وهما اللذان يسألان الميت في قبره، ومنهم الموكلون بالجنان وتزيينها وتهيئتها لساكنيها، ومنهم الموكلان بحفظ بني آدم، ومنهم سكان السموات، ومنهم حملة العرش، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد، ومنهم رقيب وعتيد وهما كاتبا الحسنات والسيئات.
ومنهم الملائكة الذين يتعاقبون على العباد بالليل والنهار ويجتمعون في صلاتي الفجر والعصر، ومنهم الملائكة الذين يكتبون الأول فالأول يوم الجمعة حتى يدخل الخطيب، ومنهم الذين يحفون مجالس الذكر وحلقه، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[[التحريم: 20].
وقال تعالى في وصف الملائكة: ]يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ[[الأنبياء: 20].
قالرسول الله صل الله عليه و سلم:«خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم» [مسلم وغيره].
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، فلله الحكمة البالغة.
6- خلق الجان وكيد الشيطان:
خلق الله الجن من نار كما سبق وأشرنا في الحديث السابق، فلما خلق الله آدم أمر الملائكة أن تسجد له فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى وعصى ربه وامتنع عن السجود لآدم، وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فاستحق لذلك اللعنة من رب العالمين، فأهبط إلى الأرض ذليلاً حقيرًا مذءُومًا مدحورًا، متوعدًا هو ومن اتبعه من الجن والإنس، ومع ذلك فهو يسعى جاهدًا لغواية بني آدم عن جادة الصواب.
وأخذ العهد على نفسه ليقعدن لهم كل مرصد، وليضلنهم عن الطريق المستقيم، ولكن الله تكفل بحفظ وعصمة من آمن به وصدق رسله واتبع شرعه ألا يسلط عليهم إبليس وأعوانه، قال تعالى: ]إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا[
[الإسراء: 65].
فإبليس حي إلى يوم القيامة، مُنظَر إلى ذلك اليوم الموعود الذي وعده ربه اختبارًا للعباد ومحنة لهم، وله عرش على وجه الماء جالس عليه، ويبث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن، ويفرقون بين المرء وزوجه، قال رسول الله صل الله عليه و سلم: «إن الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا، فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئًا، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويقول: نعم أنت» [مسلم].
وفي الصحيحين قال رسول الله صل الله عليه و سلم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»، فالشيطان يوسوس لابن آدم حتى يوقعه في الخطيئة، فإذا ذكر العبد ربه خنس، وإذا لم يذكر ربه ونسي التقم الشيطان قلبه، فيوسوس له حتى ينسيه ذكر ربه، قال r: «يأتي الشيطان أحدكم، فيقول من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول من خلق ربك، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينتهِ» [البخاري ومسلم].
ولهذا كان النبي رسول الله صل الله عليه و سلم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» [أحمد وغيره]، فكما ذكرنا أن الشيطان يوسوس لابن آدم حتى ينسيه ذكر ربه سبحانه، فمنهم ما يوسوس للمصلي في صلاته وهذا الشيطان اسمه «خِنْزَب»، ومنهم من يوسوس للمسلم في وضوئه ويسمى هذا الشيطان «الولهان»، ومنهم أعوان السحرة والمشعوذين.
فإذا أراد المسلم التخلص من كيد الشيطان ووسوسته فعليه بطاعة الله عز وجل والتحصن من الشيطان بالأذكار والأدعية المشروعة المذكورة في كتاب الله تعالى وفي كتب السنة، قال تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ[[الأعراف: 201].
وقال تعالى: ]وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[[الأعراف: 200].
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجنبنا الشيطان ووسوسته، ونعوذ بالله الحليم أن يتخطبنا عند الموت، فاللهم إن إبليس عبد من عبادك، ناصيته بيدك، يرانا من حيث لا نراه وأنت سبحانك تراه من حيث لا يراك، اللهم إنا ندرأ بك في نحره ونعوذ بك من شره، اللهم إنا نعوذ بك أن يأمرنا بفعل ما نهيتنا عنه، أو أن ينهانا بترك ما أمرتنا به، إنك على كل شيء قدير.
7- خلق آدم:
خلق آدم يوم الجمعة، خلقه الله تعالى بيديه ونفخ فيه من روحه وأمر ملائكته بالسجود له فسجدوا إلا إبليس لم يسجد تكبرًا وتعنتًا فاستحق اللعنة من ربه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال رسول الله صل الله عليه و سلم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها» ومن وجه آخر: «وفيه تقوم الساعة».
وعن أبي هريرة tقال: قال رسول الله صل الله عليه و سلم: «لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال رب وكم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود، قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته» [الترمذي، وقال: حسن صحيح].
فهل بعد هذا كله يعبد غير الله سبحانه؟! وهل بعد هذا يطاع غير الله عز وجل؟! وهل بعد ذلك يشكر غير المنعم جلت قدرته؟! ثم هل بعد هذا وذاك يعصى الإله الواحد القهار الذي خضعت له الرقاب، ولانت لجبروته الصعاب، وخالق خلقه من تراب؟! فلا إله إلا رب الأرباب ومسبب الأسباب.
فاللهم لك الحمد ما أحلمك على من عصاك، وما أرأفك بمن تاب إليك، فلك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، سبحانك ربنا ما عبدناك حق عبادتك، وما شكرناك حق شكرك، غير أنا لا نشرك بك شيئًا، فأنت أهل الثناء والمجد، سبحانك وبحمدك عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك.