فصل في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر أقسام الملحدين
وهذا الفصل في نفي الإلحاد في أسماء الله وصفاته من تمام إثبات صفات الكمال وتفرد الرب بنعوت العظمة والجلال، فعلى العبد المؤمن أن يحققها علماً وتعبداً لله بها ونفياً للإلحاد فيها. وحقيقة الإلحاد فيها هو الميل بها عن الاستقامة إما بإثبات المشاركة فيها لأحد من الخلق، كإلحاد المشركين الذين اشتقوا لآلهتهم من صفات الله ما لا يصلح إلا لله، كتسميتهم اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، وكل مشرك تعلق بمخلوق اشتق لمعبوده من خصائص الربوبية والإلهية ما برر له عبادته. وأعظم الخلق إلحاداً طائفة الاتحادية الذين من قولهم أن الرب عين المربوب، فكل اسم ممدوح أو مذموم يطلق على الله عندهم، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً. وإما نفي صفات الله وإثبات أسماء لا حقيقة لها كما فعل الجهمية ومن تفرع عنهم، وإما بجحدها وإنكارها رأساً إنكاراً لوجود الله كما فعل زنادقة الفلاسفة فهؤلاء الملحدون قد انحرفوا عن الصراط المستقيم ويمموا طرق الجحيم.