قاعدة :ربوبية الله في القرآن على نوعين. عامة، وخاصة
كثر في القرآن ذكر ربوبية الرب لعباده، ومتعلقاتها، ولوازمها. وهي على نوعين:
ربوبية عامة، يدخل فيها جميع المخلوقات: برها، وفاجرها بل مكلوفها وغير المكلفين، حتى الجمادات. وهو أنه تعالى المتفرد بخلقها ورزقها وتدبيرها، وإعطائها ما تحتاج إليه في بقائها. وحصول منافعها ومقاصدها والمقاصد منها. فهذه التربية لا يخرج عنها أحد.
والنوع الثاني: في ربوبيته لأصفيائه وأوليائه. فيربيهم بالوحي وينزل لهم بغيث العلم ويهديهم إلى الإيمان، ويوفقهم لتكميله ويكملهم بالأخلاق الجميلة، ويدفع عنهم الأخلاق الرذيلة، وييسرهم لليسرى ويجنبهم العسرى، وحقيقتها: التوفيق لكل خير. والحفظ من كل شر، وإنالة المحبوبات العاجلة والآجلة، وصرف المكروهات العاجلة والآجلة.
فحيث أطلقت ربوبيته تعالى. فإن المراد بها المعنى الأول مثل قوله
"رَبِّ الْعَالَمِينَ"
(الفاتحة / 2)
"وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ "
(سورة الأنعام / 164)
ونحو ذلك.
وحيث قيدت بما يحبه ويرضاه، أو وقع السؤال بها من الأنبياء وأتباعهم. فإن المراد بها النوع الثاني. وهو متضمن للمعنى الأول وزيادة لهذا تجد أدعية الأنبياء وأتباعهم في القرآن باسم الرب غالباً فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فملاحظة هذا المعنى نافعة أعظم النفع للعبد.
ونظير هذا المعنى الجليل: أن الله أخبر في عدة آيات أن الخلق كلهم عباده وعبيده
" إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدً "
(سورة مريم / 93)
فكلهم مماليكه وليس لهم من الملك والأمر من شيء، لا في أنفسهم ولا في غيرهم. ويخبر في بعض الآيات أن عباده بعض خلقه كقوله
" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا "
( سورة الفرقان / 63)
ثم ذكر صفاتهم الجليلة كقوله :
"أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ"
(سورة الزمر/ 36)
وفي قراءة (عباده) وقوله
"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ"
(سورة الإسراء / 1)
وقوله
"وَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا"
(سورة البقرة / 23)
فالمراد بهذا النوع من قاموا بحقوق عبوديتهم له بصفة ربوبيته، وأخلصوا له الدين على اختلاف طبقاتهم.
فالعبودية الأولى: يدخل فيها البر والفاجر.
والعبودية الثانية: صفة الأبرار. ولكن الفرق: أن الربوبية وصف الرب وفعله. والعبودية وصف العبيد وفعلهم(1).
المراجع
- المصدر السابق ص111 - 112.