لا ينفع الإنسان إلا عمله
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) ]وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ[ ([1]).
تَزِرُ وَازِرَةٌ : تحمل نفس آثمة.
مُثْقَلَةٌ : نفس أثقلتها الذنوب.
حِمْلِهَا : ذنوبها التي أثقلتها.
تَزَكَّى : تطهر من الكفر والمعاصي.
المعنى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى، (وَإِنْ تَدْعُ) تسأل نفس (مُثْقَلَةٌ) بالخطايا (إِلَى حِمْلِهَا) من يحمل عنها من ذنوبها (لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ)لم تجد من يحمل عنها شيئاً، (وَلَوْ كَانَ) الذي سألته (ذَا قُرْبَى) منها من أب أو أخ ونحوهما. (إِنَّمَا تُنْذِرُ) إنما تحذّر - يا محمد - (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) يخافون عذاب (رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) قبل أن يروا العذاب (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) وأدوا الصلاة حق أدائها. (وَمَنْ تَزَكَّى) تطهر من الشرك وغيره من المعاصي (فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى) يتطهر (لِنَفْسِهِ). (وَإِلَى اللَّهِ) سبحانه (الْمَصِيرُ) مآل الخلائق ومصيرهم، فيجازي كلاً بما يستحق.
* * *
2) ]وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى [ ([2]).
سَعَى : عَمِل.
الأَوْفَى : التام.
المعنى: … (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ) وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر (إِلاَّ مَا سَعَى) إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) في الآخرة، فيميز حسنه من سيئه؛ تشريفاً للمحسن وتوبيخاً للمسيء. (ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) ثم يجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله ….
* * *
3) ]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[([3]).
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ : وزن أصغر هباء ة أو نملة صغيرة.
المعنى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة صغيرة (خَيْرًا يَرَهُ) يرى ثوابه في الآخرة، (وَمَنْ يَعْمَلْ (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة صغيرة (شَرًّا يَرَهُ) يرى عقابه في الآخرة.
* * *
مِنْ سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم :
1) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ ([4]).
المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ) وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ (قَالَ) أنس بن مالك : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَتْبَعُ الْمَيِّتَ) إلى قبره (ثَلاثَةٌ) من أنواع الأشياء (فَيَرْجِعُ اثْنَانِ) إلى مكانهما في الدنيا ويتركانه وحده (وَيَبْقَى وَاحِدٌ) لا ينفك عنه (يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ) أَيْ: أولاده وأقاربه وأهل صحبته ومعرفته ، وهذا في العادة إذا كان له أهل (وَ) كذا يتبعه (مَالُهُ وَ) كذا يتبعه (عَمَلُهُ) من الصلاح وغيره , وهذا يقع في الأغلب وَرُبَّ مَيِّتٍ لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته من أهله ورفقته ودوابه على ما جرت به عادة العرب وإذا انقضى أمر الحزن عليه رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ، (فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ) بعد أن يدفنوه (وَ) يرجع (مَالُهُ) ليقسم على الورثة (وَيَبْقَى عَمَلُهُ) إن كان صالحاً أو غير ذلك ، فينبغي أن يهتم بصلاح عمله في الدنيا أكثر من غيره ، ومعنى بقاء عمله أنه يدخل معه القبر، وفي الحديث : أنَّ العَبْدَ المؤمن في القَبْر يَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي . وأمَّا العَبْد الكَافِر فَيَأْتِيهِ في القَبْر رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ([5]).
------------------------------------
([1]) فاطر (18).
([2]) النجم (39-41).
([3]) الزلزلة (7-8).
([4]) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الزهد والرقائق، ح5260.
([5]) رواه أحمد في أول مسند الكوفيين ، حديث البراء بن عازب ، رقم 17803 ، 17872 بترقيم العالمية.