من صور الشرك وأسبابه
من صور الشرك وأسبابه
* الغلو في الصالحين:
قال تعالى: [ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ][النساء: 171].
الغلو: هو الإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد، أي: لا ترفعوا المخلوق عن منزلته التي أنزله الله، فتنزلوه المنزلة التي لا تنبغي إلا لله والخطاب، وإن كان لأهل الكتاب فإنه عام يتناولجميع الأمةتحذيرًا لهم أن يفعلوا فعل النصارى في عيسى عليه السلام، واليهود في العُزير، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبدُ الله ورسوله»([1]).
أول شرك في الدنيا سببه الغلو في الصالحين:
عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله تعالى:[ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ] [نوح: 23].
قال: «هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحي الشيطان إلى قومهم: أن انصِبُوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسِي العلم عُبِدت»([2]).
وقال ابن القيم: «قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم»([3]).
* الذبح لغير الله:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لعن الله من ذبح لغير الله»([4]).
التنجيم:قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أربع من أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة»([5]).
* إضافة الرزق لغير الله:
«من ظن أن الكواكب تنزل المطر»:
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العِزَّة أنه قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب»([6]).
* الرياء والإرادة بالعمل غير وجه الله:
قال تعالى في حديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عَمِل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه»([7]).
* طاعة من أحل الحرام أو حرَّم الحلال:
عن عدي بن حاتم- وقد كان نصرانيًا قبل إسلامه-: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: [ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ][التوبة: 31]. فقلت: لسنا نعبدهم، قال: «أليس يُحرِّمون ما أحلَّ اللهُ فتُحرِّمونه، ويحلون ما حرَّم الله فتحلونه؟» فقلت: بلى، قال: «فتلك عبادتهم»([8]).
* كُرْه شيء من الإسلام:
قال تعالى: [ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ][محمد: 9].
* الاستهزاء بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى عن المستهزئين بشيء من الشرع: [ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) ][التوبة ].
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلس يومًا: ما رأينا مثل قرائنا([9])هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألْسُنًا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، قال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقًا بحِق ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكُبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ][التوبة ]([10]).
* تعلُّم السحر والعمل به:قال تعالى: [ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ][البقرة: 102].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجتنبوا السبع الموبقات». قالوا: يا رسول الله، ما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق .....»([11]).
* الذهاب إلى الكهان والدجالين والعرافين:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :«من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تُقْبَل له صلاة أربعين يومًا»([12]).
وقال أيضًا: «من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد»([13])([14]).
* التطير «التشاؤم»:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صَفَر»([15]).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: «الطيرة شرك، الطيرة شرك)) ثلاثا، ((وما منا إلا! ولكن الله يذهبه بالتوكل»([16]).
* تعليق التمائم والخيط والحلقة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من تعلَّق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلَّق ودعةً فلا ودع الله له». وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك»([17]).
وعن أبي بشير الأنصاري - رضي الله عنه - : أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولًا: «أن لا يبقين في رقبة بعيرٍ قلادةُ من وتَر- أو قلادةٌ- إلا قُطِعت»([18]).
الوتر:واحدُ أوتار القوس وكان أهل الجاهلية إذا اخلولق- أي أصبح قديمًا- أبدلوه بغيره، وقلدوا به الدواب اعتقادًا منهم أنه يدفع عن الدابة العين.
* الرُّقى غير الشرعية والتمائم والتِّوَلة:
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرُّقى والتمائمَ([19])والتِّوَلَةَ شرك»([20]).
الرُّقى:أي التي تحتوي على الشرك، أما الرقى الشرعية بالقرآن والأدعية والأذكار في صحيح السُّنة فهي مشروعة.
التمائم:جمع تميمة وهو ما يُعلِّقه الناس في أعناقهم أو دوابهم من خرزات وعظام ونحو ذلك لدفع العين.
التِّوَلة:قال الحافظ: شيءٌ كانت المرأة تجلب به محبة زوجها وهو ضرب من السحر. والله أعلم.
-------------------------------------------
([1]) رواه البخاري (3445، 6830).
([2]) رواه البخاري(4920).
([3]) إغاثة اللهفان (1/203).
([4]) رواه مسلم.
([5]) رواه مسلم (934)، وأحمد وغيرهما.
([6]) رواه البخاري (846، 1038، 4147، 7403)، ومسلم (71)، وأحمد (4/117).
([7]) رواه مسلم (2985).
([8]) رواه الترمذي في «الجامع» رقم (3094)، وأصله عند أحمد في «المسند» (4/257، 378) دون هذا اللفظ.
([9]) قرائنا: يقصدوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، رضي الله عنهم.
([10]) رواه الطبراني (10/172) من طريق عبد الله بن صالح، كاتب الليث وهو صدوق كثير الخطأ، لكنه توبع عند ابن أبي حاتم، فرواه عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب، وإسناده صحيح. وانظر «هداية المستنير»(303).
([11]) البخاري (2766، 5764، 6857)، ومسلم (89)، وبقيته: «وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزَّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
([12]) رواه مسلم (2230).
([13]) رواه أبو داود في «السنن» برقم (3904)، والترمذي في «الجامع» (135)، والنسائي في «الكبرى» كما في «تحفة الأشراف» (10/124)، وابن ماجه في السنن (639)، وأحمد في «المسند» (2/408، 486).
([14]) ومما زاد الطين بلةَّ والزمانة عِلَّة أن الكهان والدجالين وقارئي الكفِّ أصبحوا يدخلون كل بيت من خلال «الفضائيات» و «شبكة الإنترنت» ويشاهدها الملايين ونسأل الله الهداية لنا و للجميع.
([15]) رواه البخاري (5757)، ومسلم (2220).
([16]) رواه أبو داود، والترمذي في «الجامع» (1614)، وصححه، وأحمد (1/389، 438، 440).
([17]) أحمد في «المسند» (4/154)، والحاكم (4/417 ).
([18]) البخاري (3005)، ومسلم (2115) وغيرهما.
([19]) ومثله ما يُعلق على السيارات أو على أبواب المنازل مثل: الكف- وحدوة الفرس، فردة حذاء، الخرز الأزرق، تلطيخ السيارات والمنازل بأيادٍ متلطخة بالدماء يظنون أن كل هذا يمنع العين والحسد. وهذا يوقعهم في الشرك.
([20]) رواه أحمد وأبو داود.