« مَجَالِسُ القرآنِ » مِفْتَاحُ الْمَشْرُوع


الشيخ / فريد الأنصاري


منهجُ تَدَارُسِ القرآن بِمَجَالِسِ القرآن كان لذلك الزمان، وهو لهذا الزمان، منهجٌ دائمٌ متجدد، لا يبلى ولا يتقادم أبدا! لأنه ببساطة هو نفسُه منهج القرآن! بلا زيادة ولا نقصان! كما سترى بحول الله، وإنما القرآن كلام الحق جل علاه! وكفى بالقرآن منهجاً لمن كان على نور من ربه!

(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ. تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ. ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)

(الزمر:23).

هذا مشروع " مَجَالِس القرآن ": مدرسة شعبية لنشر ثقافة القرآن، وبناء أخلاق القرآن، ودعوةٌ لتداول القرآن في السلوك الفردي والاجتماعي، من خلال الإقبال العام الشعبي على تعلم القرآن، وتدارس القرآن، وفتح "صالونات القرآن" داخل الأسر، وبين الأصحاب؛ لتقديم كؤوس الذِّكْرِ للأهل والأحباب والأقارب والجيران! ولا أحلى ولا ألذ من موائد القرآن، ومجالس التدارس الميسَّر لسوره وآياته بين يدي الرحمن!


مشروع "صالونات القرآن" أو "مجالس القرآن": مسلكٌ تربوي مبَسَّط؛ لسلوك طريق النور؛ قصد التعرف إلى الله! مشروعٌ ليس لنا فيه من الاجتهاد إلا الجمع والترتيب، ومراعاة التنـزيل في واقع جديد! نأخذه كما هو من القرآن والسنة النبوية. مشروعٌ لا مِنَّةَ فيه لأحد، إلا لله! ولا فضل فيه لمبدع أو مخترع، وإنما هو كلام الله! ولا انتماء فيه لقائد أو رائد، ولا لتنظيم أو جماعة! بل هو انتساب تعبدي لله! غايته أن نسعى جميعا - أنا وأنت، ومن شرح اللهُ صدرَه للقرآن – للاستظلال بحقيقة مُسَمَّى: "عبد الله"!


هذا القرآن المجيد أمامك الآن! فابحث فيه عن نفسك تجدها مشاركة في بناء " مَجَالِسِ القرآن "! إنه إذن مشروعٌ لا مِلْكِيَّةَ فيه لأحد، ولا يخضع لأي (مَارْكَة مسجَّلَة)؛ وإنما هو يتوسم

(صِبْغَةَ اللَّهِ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)!؟

(البقرة:138)

دع عنك يا صاحبي الأشكال والألقاب جانبا! ولنطرق باب الله متذللين متواضعين!

" مجالسُ القرآن " منهج تربوي أسَّسَهُ محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانخرط فيه أصحابه عليهم رضوان الله، واستمروا به بعد موته صلى الله عليه وسلم؛ مدرسةً تربويةً تُخَرِّجُ أفواجَ التابعين! ولم يزل بعد ذلك نموذجا مقصودا – عبر التاريخ - للعلماء العاملين، وللمجددين الربانيين!

" مجالسُ القرآن " عَرْضٌ متجدد لموائد الروح! فهذا القرآن العظيم أمامك الآن! هذا كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! هذا نور الوحي، وطريق الهدى! فاقرأ وافْقَهْ عن الله! فهذه السور والآيات تخاطبك أنت بالذات! أنت، نَعَم أنت! إنها – إن أنْصَتَّ بصدق -  تخاطبك الآن في زمانك هذا، وفي ظروفك هذه!

(فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)

(طه:13)

! استمع إن كنت من المؤمنين بالله حقا، الراغبين في التلقي عنه تعالى صِدْقاً!

" مجالسُ القرآن " مشروع ننطلق فيه - كعادتنا – (من القرآن إلى العمران)! ولنا اليقين أنه منهج كافٍ إن شاء الله – إذا أُخِذَ بشروطه وضوابطه - لبناء النفس المؤمنة في هذا العصر الجديد، وإعادة تشكيلها تربيةً وتزكيةً، ثم بناء النسيج الاجتماعي الإسلامي حضارةً وعمرانا! وتلك ليست دعوى ندعيها، ولا تمنٍ نتمناه على غير هُدَى، كلا! وإنما هو منطوق القرآن الحكيم، وحقيقته العمرانية الشاهدة، كما هي في نصه، وكما جرَّبها الإنسانُ مرارا في التاريخ! وذلك ببساطة لأن القرآن إذا فُعِّلَ في المجتمع صار مُحَرِّكاً يشتغل بنفسه! ومعملا مبرمجا من عند الله، يشتغل بصورة تلقائية؛ لتخريج الأجيال وصناعة الأنفس على عين الله ووَحْيِه!


فمجالسُ القرآن: مشروع دعوي تربوي بسيط، سهل التنفيذ والتطبيق، سلسل الانتشار؛ غايته تجديد الدين، وإعادة بناء مفاهيمه في النفس وفي المجتمع!.. بعيدا عن جدل (المتكلمين الجدد)، وبعيدا عن تعقيدات التنظيمات والهيآت!.. بعيدا عن الانتماءات السياسية الضيقة، والتصنيفات الحزبية المُرْبِكَة!

لكن؛ قريبا من فضاء القرآن الكريم، بل في بحر جماله النوراني العظيم! وتحت شلال روحه الرباني الكريم!

وانطلاقا من حلقات المدارسات، وصفوف الصلوات، وحصون المساجد وأفلاك الأوقات؛ سيرا إلى الله وحده دون سواه، مخلصين له الدين، راغبين راهبين؛ حتى يأتينا اليقين!

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ « مَجَالِسُ القرآنِ » مِفْتَاحُ الْمَشْرُوع

  • تعظيم الله تعالى في القرآن

    أحمد بن عثمان المزيد

    ومن وسائلِ تعظيمِ الله تعالى: تدبرُ القرآنِ وتحديقُ النظرِ في سُوَرهِ وآياتِه، فالقرآنُ كلُّه ينطقُ بالتعظيمِ

    30/11/2021 1239
  • كيف نعرف الله؟

    أحمد بن عثمان المزيد

    الربُّ تعالى يدعُو عبادَه في القرآنِ إلى معرفتِه من طريقينِ: أحدُهما: النظرُ في مفعولاتِه. والثاني: التفكُّرُ

    18/11/2021 748
  • أسماء الله الحسنى: الحَقُّ

    موقع/ إحسان

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛..الاشتقاقُ اللغوي:  حق: الحاءُ

    12/09/2021 869
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day