التسليم والانقياد لله تبارك وتعالى
هذا الإيمان أساسه التسليم والإذعان لله تبارك وتعالى، فالمؤمن الحق هو الذي أسلم لله ظاهراً وباطناً، وهذا الإسلام يستلزم منك أموراً ينبغي عليك أن تقوم بها، وهذه الأمور دلائل تدل على صدق عبوديتك لله عز وجل، وقد شاء الله عز وجل أن يمتحن أهل الإيمان، وأن يبتلي صبر أهل الإحسان، ليميز الله الخبيث من الطيب، وليُظهر عز وجل صدق الصادقين، ونفاق المنافقين، وأعظم أمرٍ يظهر به إيمان المؤمن، وتسليمه لله عز وجل وإذعانه لله إذا نزلت الفتن، وادلهمّت المحن، وأصبح الإنسان بين الدعاة، كلٌُ يدعو إلى سبيل، وكلٌ يَظن أنه دليلٌ ونعم الدليل، وأصبح الإنسان بين أممٍ مختلفة، وآراء متباينة، تعصفه فتنٌ كهذا النوع، عندها يظهر إيمانه ويقينه وإسلامه وانقياده لله عز وجل، ولذلك أهم سمة للمؤمن في الفتنة والمحنة أنه معتصم بالله عز وجل، راجعٌ إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إن المؤمن الصادق إذا حصلت أي فتنة بين إخوانه أو خلانه له سبيل لا يرضى بسواه، وطريق ومنهج لا يبتغي عداه، له سبيل واضح أساسه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، هذا السبيل سار عليه سلفنا الصالح، وسارت عليه الأمة المهدية الصالحة التقية، التي عرفت ربها، وراقبت خالقها، وانتهجت المناهج التي فيها فلاحها وفوزها.
إذا نزلت الفتن أو المحن بالمؤمن فإنه لا يعتصم بغير الله عز وجل، ولا يعرف طريقاً غير طريق الكتاب والسنة ولا جماعة غير جماعة الكتاب والسنة، من دعا إلى قول الله أجابه: لبيك وسعديك! ومن دعا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجابه قلباً وقالباً، إننا في أمس الحاجة أن نحقق التزامنا، وأن يكون الملتزم صادقاً في التزامه وإيمانه، فليس الإسلام بالتحلي ولا بالتمني، ولكن الإسلام الحق: الاستسلام والانقياد لله تبارك وتعالى، العبودية الخالصة التي يرضاها الله عز وجل منك في أي حالة وأي ظرف، فنحن نحتاج إلى هذا الاستسلام لأن الأهواء كثيرة، والآراء متناقضة متباعدة، ولكن كتاب الله حبلٌ متين، وصراطٌ مستقيم، لا يضل عنه إلا هالك، وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضل هذا السبيل، وعلى علو مقام هذا الدليل، فأخبر أن من رحمة الله عز وجل أنه أبقاه ما بقي النيِّران -أبقى الكتاب والسنة- ما بقيت الدنيا، وما بقيت الحياة، غضة طرية كأنها نزلت اليوم.