إن النصر مع الصبر
معشر المسلمين المخلصين، الذين تعملون لإعلاء دين الله وكلمته: لقد طال هذا الليل واسود جانبه، وأرقنا فعل الجاهليات بأهل الإسلام، لا تيأسوا، فإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرا يقول الله عزَّ وجلَّ: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:109-110] فهذه سنة الله في الدعوات؛ أن الخطوب تشتد عليها والأخطار من كل جانب، حتى يفعل جميعهم كل الإمكانيات فلا تفيد، وبعد أن يفقدوا الأمل ويصلوا إلى نقطة يحسون ألا نصر عندها إذا بنصر الله يأتي، قال تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:110].
متى أتى النصر؟ أتى النصر عندما اشتدت الأمور، وظنوا أنه لن يأتي جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:110]، وهكذا لكي لا يكون النصر رخيصاً، فلو كان النصر رخيصاً لقام في كل يوم دعيٌ بدعوة لا تكلفه شيئاً، ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثاً ولعباً، فإنما هي قواعد في حياة البشر ومنهاج لهم.
يا فارج الهم عن نوح وأسرته وصاحب الحوت مولى كل مكروب
وفارق البحر عن موسى وشيعته ومذهب الحزن عن ذي البث يعقوب
وجاعل النار لإبراهيم باردة ورافع السقم من أوصال أيوب
إن الأطباء لا يغنون عن وصب أنت الطبيب طبيب غير مغلوب
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.
وصلى الله وسلم على النبي الأمي محمدٍ، صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين.