تخوف ابن الخطاب من الوقوع في الشرك
تخوف ابن الخطاب من الوقوع في الشرك
ولقد أبدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تخوفه مما وقع فيه الناس اليوم من الشرك، منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا حيث قال:
«ستنقض عرى الإسلام عروة عروة» قيل وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: «إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية» أو كما قال، فهؤلاء الذين يدعون الأموات اليوم، ويذبحون وينذرون لهم، ويطوفون بقبورهم، مقدسين ومعظمين خاشعين لهم، ومتضرعين إليهم بقصد التوسل والتوسط بهم إلى الله، لو عرفوا أن هذا هو عين العمل الذي كان عليه العرب في الجاهلية والذي سماه الله شركًا واعتبره كفرًا لما أقدموا عليه وتمسكوا به، وثاروا وغضبوا على من أنكره عليهم.
أما الشرك الذي كان عليه المشركون الأولون والذي طلبت مني إيضاحه وسألتني عن حقيقته فهو أن أولئك المشركين – مع إيمانهم المطلق بوجود الله وتسليمهم بقدرته المطلقة على التصرف في جميع شئون الكون دونما شريك أو ظهير – كانوا قد ابتدعوا بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، هذه البدعة استحسنتها عقولهم وسكنت إليها نفوسهم.
وهي أنهم اتخذوا من المخلوقين (كاللات والعزى ومناة ويغوث ويعوق ونسرا) أولياء ووسائط يلجؤون إليهم، ويتقربون إليهم بالدعاء والنذر والذبح ليقربوهم إلى الله ويشفعوا لهم في قضاء حاجاتهم وكشف كرباتهم، دون أن يأذن الله لهم بذلك أو يرضاه.
وهذا ما عناه القرآن وأنكره عليهم بقوله:
( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) . [يونس : 18]، ويعبدون: أي يدعون، وقوله: ( مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ) . [السجدة : 4]