توقعاتي عن القرآن كانت خاطئة!!!
كنت أتوقع أن أجد في القرآن:
كتاباً قديماً مكتوباً قبل أربعة عشر قرناً.
يتكلم عن الصحراء.
يتحدث عن بعض الأحداث العصيبة التي مرت بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ كوفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، أو وفاة بناته وأولاده، لكنه لم أجد شيئاً من هذا.
لم أكن أتوقع أن أجد في القرآن:
يحتوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر.
سورة كاملة في القرآن الكريم تسمى سورة مريم، وفيها تشريف أي تشريف لمريم عليها السلام، لا يوجد مثيل له في كتاب آخر، ولا يجد سورة باسم عائشة أو فاطمة رضي الله عنهن زوجة أو بنت النبي.
أن عيسى عليه السلام ذكر بالاسم خمساً وعشرين مرة في القرآن الكريم، بينما لم يذكر النبي عليه الصلاة والسلام باسمه إلا خمس مرات.
بعض ما وجدت في القرآن:
أولاً: المبدأ المعاصر تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها:
أخذت أقرأ القرآن بتمعن لعلي أجد مأخذاً عليه، لكني صعقت بآية عظيمة وعجيبة ألا وهي الآية الثانية والثمانين في سورة النساء،
وهي قوله تعالى:
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
[سورة النساء: 82].
من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر مبدأ إيجاد الأخطاء، أو تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها.
والعجيب أن القرآن الكريم يدعو المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ويتحدى أن يجدوا خطأً واحداً.
لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة أن يؤلف كتاباً ثم يقول: هذا الكتاب خالٍ من الأخطاء...
ولكن القرآن على العكس تماماً...
يقول لك: لا يوجد أخطاء بل ويعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد.
آية هي موضوع البحث العلمي حصل بها الباحث على جائزة نوبل:
هذه الآية فيها تحدٍّ، وقف فيها هذا الباحث طويلاً:
(أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)
( سورة الأنبياء: 30).
يقول الباحث: إن هذه الآية هي بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل في عام ثلاثة وسبعين، وكان عن نظرية الانفجار الكبير، وهي تنص أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب.
هذه الآية تتطابق مئة بالمئة مع أحدث نظرية لنشوء الكون.
ثالثاً: رد منطقي على بعض الإدعاءات:
الآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي عليه الصلاة والسلام، والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه،
والله تعالى يقول:
(وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ*وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ*إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ)
[سورة الشعراء: 210-212].
وقال تعالى :
( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )
[سورة النحل: 98].
نقول: أيعقل أن يؤلف الشيطان كتاباً ثم يقول لقارئه قبل قراءته استعذ بالله مني؟
مستحيل،أنا أعرض عليكم رجلاً يظن أن القرآن الكريم كلام بشر، وأنه يقرأه ليبحث فيه عن أخطاء، أما هذه المفاجأة، إن هذه الآيات من الأمور الإعجازية في هذا الكتاب المُعجز، وفيها ردّ منطقي لكل من قال بهذه الشبهة.
رابعاً: تحدي القرآن للمستقبل :
قصة أبو لهب:
من القصص التي أبهرت كثير من الناس ، هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي لهب :
هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرهاً شديداً، لدرجة أنه كان يتبع محمداً صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة، بل ليقلل من قيمة ما يقول، إذا رأى الرسول يتكلم لأناس غرباء فإنه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم، ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟
لو قال لكم أبيض فهو أسود، ولو قال لكم ليل فهو نهار، المقصد أنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ويشكك الناس فيه، قبل عشر سنوات من وفاة أبي لهب نزلت سورة في القرآن الكريم اسمها سورة المسد, هذه السورة تقرر أن أبا لهب سوف يذهب إلى النار, أي بمعنى آخر أن أبا لهب لن يدخل الإسلام، وخلال عشر سنوات كان على أبي لهب أن يقول ولو تمثيلاً أن يأتي النبي عليه الصلاة والسلام ويسلم فيلغي هذه السورة، أين ذكاؤه؟
لو أتى النبي عليه الصلاة والسلام أعلن شهادته ولو تمثيلاً لألغى هذه السورة، لكنه لم يفعل ذلك، إذاً هو كلام الله.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ*مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ*سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ*وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ*فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)
[سورة المسد: 1-5].
خامساً : تغيير القبلة وسفاهة من يعارض:
الآية الثانية:
(سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا)
( سورة البقرة: 142 )
هؤلاء الأشخاص وصفوا بنص هذه الآية أنهم سفهاء، لو سكتوا لألغوا هذه الآية، هؤلاء السفهاء لو سكتوا، لو لم ينطقوا ببنت شفة، سكوتهم يلغي هذه الآية، لكنهم وصفوا بأنهم سفهاء، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
سادسًا اليهود اليوم:
القرآن يقول: إن اليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين، معنى القول، وهذا مستمر إلى وقتنا الحاضر، فأشد الناس عداوة للمسلمين هم اليهود، ويقول: إن هذا يعتبر تحدياً عظيماً، ذلك أن اليهود لديهم فرصة لهدم الإسلام بأمر بسيط، ألا وهو أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين ويقولون عندها: ها نحن نعاملكم معاملة طيبة، والقرآن يقول: إننا أشد الناس عداوة لكم ,إذاً القرآن على خطأ.
نقرأ القرآن الكريم نحن كثيراً قد لا ننتبه لهذه الملاحظات، القرآن الكريم يؤكد أن اليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين، لو أرادوا بذكاء أن يلغوا هذه الآية فعاملوا المسلمين معاملة طيبة إلى حين، الآية ألغيت، والسفهاء لو سكتوا لألغوا هذه الآية، وأبو لهب قبل عشر سنوات من وفاته تنبأ الله له بدخول النار فلو جاء مسلماً صورة، لألغى هذه السورة.
أيها الأخوة، ويقول: إن هذا يعتبر تحدياً عظيماً، ذلك أن اليهود لديهم الفرصة بهدم الإسلام بأمر بسيط، ألا وهو أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين، ويقولون عندها: ها نحن نعاملكم معاملة طيبة والقرآن يقول: إننا أشد الناس عداوة لكم، ولكن هذا لم يحدث خلال ألف وأربعمئة عام، ولن يحدث لأن هذا الكلام نزل من الذي يعلم الغيب، وليس من عند إنسان،
الآية الكريمة:
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ*وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ*وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ)
[سورة البقرة: 82-84].
سابعاً: معلومات لم تكن تعلمها:
بلا أي شك يوجد في القرآن الكريم توجه فريد ومذهل لا يوجد في كتاب آخر, ذلك أن القرآن يعطيك معلومات معينة لم تكن تعلمها من قبل، مثل قوله تعالى:
(ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)
[سورة آل عمران: 44].
آية ثانية:
(تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)
( سورة هود: 49 ).
لا يوجد كتاب مما يسمى بالكتب الدينية يتكلم بهذا الأسلوب, كل الكتب الأخرى مجموعة من المعلومات التي تخبرك من أين أتت هذه المعلومات.
أهل مكة يستمعون لهذا القرآن، وهم على عداوة كبيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن هذه المعلومات وصلت إليهم بطريقة أو بأخرى لقالوا: هذا نعرفه، لكن الذي حصل أن هذه المعلومات التي وردت في القرآن الكريم، والتي أكّد الله عز وجل أن هذه الحقائق لا تعلمونها إطلاقاً فلو علمت لتكلموا.
ثامناً: الموضوعية طريقٌ إلى الحق
قد تكون بعيدًا عن الدين الإسلامي بعد الأرض عن السماء، بل قد تتوهم أن هذا القرآن الكريم كلام بشر لكنه منصف، وأنا أقول لكم هذه الكلمة: أنت موضوعي إذاً أنت عالم، أنت موضوعي إذاً أنت أخلاقي، والموضوعية قيمة تجمع بين العلم والأخلاق، لمجرد أن تبحث موضوعاً بتجرد، أن تبحث موضوعاً بما له وما عليه، فأنت عالم، علمك لا يقاس بالمعلومات المحشوة في ذهنك، علمك يقاس بالمنهج الذي تبحث فيه، فإذا كان المنهج صحيحاً وكنت منصفاً أنت عالم ورب الكعبة.
إنسان أراد أن يقرأ القرآن الكريم ليبحث عن أخطاء يتوهمها، في النهاية أقرّ أن هذا القرآن الكريم كلام الله، والذي انتهى إليه أنه أعلن إسلامه.