متى تقوم الساعة؟
ومع أن موعد الساعة لا يرتبط بحياة الإنسان الدنيوية لأن الذي ينتقل من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ التي هي بين الموت والقيامة، يرى أشياء كثيرة كانت غيبا عنه في الدنيا، ويوقن مؤمنا كان أو كافرا بالساعة، فإن السؤال الدائم على لسان البشرية كلها هو: متى تقوم الساعة؟
ربما إحساسا منا بهول هذا اليوم، وربما لأنه نهاية حياة وبداية حياة أخرى مختلفة تماما، ولذلك فقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موعد الساعة،
فأنزل الحق سبحانه وتعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }
[الأعراف:187] .
المسؤول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين سألوه هم اليهود، فهم الذين كانوا يريدون أن يتحدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في كتبهم وعلمهم، فسألوه عن الساعة وعن الروح، وعن ذي القرنين، وجاءت الإجابة من الله سبحانه وتعالى مطابقة لما عندهم في التوراة وزيادة عليها، فعندما سألوه مثلا عن أهل الكهف، قال الله سبحانه وتعالى مصححا لهم الزمن الموجود في التوراة فقال لهم:ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا .
وعندما بحثوا من أين جاءت التسع، علموا أن الفرق هو بين التاريخ القمري والتاريخ الشمسي، فالله سبحانه وتعالى يؤرخ لكونه بأدق الحسابات، ولذلك فإن التوقيت العربي هو أدق الحسابات، فكل عالم البحار يؤرخ له بالهلال، وحسابات التاريخ الدقيقة تؤرخ بالهلال، ونحن نحسب الشهر بالهلال، لأن الشمس لا تدلنا على حساب الشهور، وإنما الشمس دلالة يومية على الليل والنهار، أما القمر فنعرف منه أول الشهر ووسطه وآخره، والثلاثمائة سنة الشمسية تزيد عن القمرية بتسع سنوات.
إذن .....لنعلنها الآن بيننا وبين أنفسنا توبة إلى الله قبل أن نموت، ولنحذر جميعا من أن نكون ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل، وقد علمنا أن الموت يأتي بغتة.
وعلينا أن نكثر من زيارة القبور فإنها تذكر الآخرة، وأن نعتبر بمن صار تحت التراب وانقطع عن أهله والأحباب، جاءه الموت في وقت لم يحتسبه، وهولٍ لم يرتقبه.
تُؤَمِّلُ فِي الدُّنْيا طَوِيلاً وَلا تَدْري *** إِذا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعِيشُ إِلَى الفَجْرِ
فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ *** وَكَمْ مِنْ مَريضٍ عاشَ حِينَاً حِيناً مِن الدَّهْرِ