أنواع البكاء


الشيخ / خالد بن عصمان السبت

ولما ذكر شمس الدين ابن القيم رحمه الله أنواع البكاء في كتابه:'زاد المعاد' قال:' والثامن: بكاء النفاق، وهو أن تدمع العين والقلب قاس، فيظهر صاحبه الخشوع، وهو من أقسى الناس قلباً ، 


وقد رأى بعضهم رجلاً خاشع المنكبين والبدن فقال: يا فلان الخشوع هاهنا !! وأشار إلى قلبه، لا هاهنا وأشار إلى منكبيه'[انظر المدارج 1/521-524] . وذكر أن عائشة رضي الله عنها رأت أناساً يمشون ويتماوتون في مشيتهم، فسألت عن هؤلاء،


فقيل لها: نُسَّاك أي:أن هؤلاء عباد. فقالت:' كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا مشى أسرع، و إذا قال أسمع، و إذا ضرب أوجع، و إذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقاً'[السابق] . وقد فرق ابن القيم رحمه الله بين خشوع النفاق، وخشوع الإيمان في كتابه:[الروح ص232]


فقال عن خشوع الإيمان بأنه: خشوع القلوب لله بالتعظيم والإجلال، والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل، والحب والحياء، وشهود نعم الله، وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح،


و أما خشوع النفاق: فيبدو على الجوارح تصنعاً وتكلفاً، والقلب غير خاشع إلى أن قال: فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره؛ فانجلى الصدر، وأشرق فيه نور العظمة؛ فماتت شهوات النفس للخوف و الوقار الذي خُشي به، وخمدت الجوارح، وتوقر القلب واطمأن إلى الله وذِكْرِه بالسكينة التي نزلت عليه من ربه، فصار مخبتاً له،


والمخبت: المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء ... فكذلك القلب المخبت قد خشع و اطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستشعر فيها، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالاً وذلاً وانكسارًا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه. 

وأما القلب المتكبر فإنه قد أهتز بتكبره وربى، فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء...


فهذا خشوع الإيمان، و أما التماوت وخشوع النفاق فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعاً ومراءاة ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات و إيرادات, فهو يخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة ' أ. هـ أي أن جوارحه لم تواطيء قلبه في هذا الخشوع ' هذا الفرق بين الخشوعين وشتان ما بينهما '


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ أنواع البكاء

  • و إذا نظرنا إلى صدقاتهم نجد عجباً !

    الشيخ / خالد بن عثمان السبت

    علي بن الحسين زين العابدين كان يحمل الصدقات و الجُربْ من الطعام ، إذا كان الليل يحمل ذلك على ظهره ، و يُوصل ذلك

    12/08/2018 1521
  • مشهد لعابد يتغنى بحب ربه (عز وجل)

    زكريا طه شحادة

    فهذا عابد من العباد محب لله تعالى يقوم ليله ويذكر الله تعالى ويتغنى بحب ربه فعن عبد الله بن أبي نوح، وقال : « سمعت

    28/06/2024 263
  • البكاء عبادة

    صالح أحمد الشامي

      البكاء عبادة قال أبو محمد: الحسن عز وجل أهل أن يخاف ويرجى، ولو لم يخلق جنة ولا ناراً. أطيعوا طلباً لوجهه،

    26/01/2021 837
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day