المتخلق بالقرآن من جنود الله


الشيخ / فريد الأنصاري

وعليه؛ فإنك إذ تتخلق بالقرآن وتتحقق بمعانيه؛ تنبعث أنت نفسك جنديا من جند الله؛ بل أنت آنئذ جزء من قَدَر الله! وتدبر كيف جعل الله من أتباع موسى عليه السلام أداة قدرية شق بها البحر! تأمل هذا جيدا:

﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾

(البقرة:50).

فالله جل جلاله فرق البحر ببني إسرائيل لما كانوا مؤمنين، ولم تكن عصا موسى إلا أداة للفرق، أما العامل الفاعل - بإذن الله - فإنما هو عزائم الإيمان

التي استبطنها كثير من أتباع موسى فكانوا جزءا من الخارقة نفسها ولم يكونوا غيرها! فتأمل:

﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾

هكذا: ﴿بِكُمْ﴾ وليس "لكم"!

وإن كان معنى هذه متضمَّنا في الأولى، ولكنَّ القصد بيانُ أن العبد إذا صار وليا لله كان أداة بين يدي الله -سبحانه- في تنفيذ قدَره في التاريخ! واقرأ إن شئت ما ورد في الحديث القدسي:

"من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب" إلى قوله عنه: "فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"

(رواه البخاري).

ألا يا حسرة على العباد حقا! وعلى هؤلاء المسلمين بشكل خاص!

وإذن؛ فإن هذا القرآن لو صرَّفه أهلُه حركةً في الأرض لكان أقوى من أن تـثبت أمامه كلمات الشيطان وسحر الإعلام، بل هو الحق الذي قال فيه الحقُّ جل جلاله:

﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾

(الأنبياء:18).

لا طاقة لكهان السياسة ببرهانه! ولا قِبَلَ لدجاجلة الإعلام بسلطانه! ولا ثبات لطاغوت الأرض أمام رجاله!

﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾

(الحشر:21).

وكيف لا؟ وهو قد جاء بفهرست الوجود كله! كيف وقد تنَـزَّلَ بديوان الكون كله! وإن ذلك لَقولُ الحق جل علاه:

﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾

(الأنعام:38)

. قال: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ يعني: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ وإنما جاءت الآية في سياق الخَلْق والتكوين لا في سياق التشريع كما توهم بعضهم! فهو شمول أوسع من مجرد الأحكام والحدود بكثير، شمول يسع العمران البشري كله، بل يسع عالم الملك والملكوت بما امتد إليه من غيب مجهول!

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ المتخلق بالقرآن من جنود الله

  • أعظم جنود الله !!!

    فريق عمل الموقع

          سُئل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما أعظم جنود الله ؟؟ قال :

    22/10/2011 12413
  • ما حكم من قال لفظي بالقرآن مخلوق؟​

    فريق عمل الموقع

    السؤال السادس و الثمانون : ما حكم من قال لفظي بالقرآن مخلوق؟الإجابة : هذه العبارة لا يجوز إطلاقها نفيا ولا إثباتا؛

    10/07/2018 2221
  • كيف ننتفع بالقرآن؟

    مجدي الهلال

    تعرفنا – مما سبق - على شيء يسير من الكيفية والطريقة التي من خلالها يُحدث القرآن أثره التغييري العظيم في ذات الفرد

    29/05/2023 428
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day