لماذا علىَّ أن أصدق أو أكذب ما يزعم هذا الرجل ؟
الحالة نفسها مع الأسئلة الكبيرة، الهدف من الحياة، سبب وجود المعاناة، هل هناك حياة بعد الموت؟ ماذا يوجد خلف الباب؟ إنه مخفي، غير مرئي، وغير معلوم. لا يستطيع العقل تقديم أى جواب نهائي، ولا يوجد أي سبب لتصديق أن الحدس أو مجرد الشعور قد يؤدي إلى أجوبة أفضل.
يمكننا الحصول على درجة من اليقين فقط عندما يقوم شخص ما لدينا سبب وجيه للثقة به بإخبارنا.
بالطبع ما زلنا نحتاج العقل، و لكن ليس كمصدر مباشر للمعلومات حول هذه المسائل، لكن نحتاج العقل لنحدد بمن نستطيع أن نثق.
نعود للرجل ذي السروال الأحمر القصير، لماذا علىَّ أن أصدق أو أكذب ما يزعم هذا الرجل؟
الديانات في العموم، لها زعم خاص، زعم أنها تحمل رسالة من الخالق، وغالباً يفترض بهذه الرسالة أن تكون خاصة بتلك الديانة، فالقضية هي: " أنا على حق وكل الآخرين على خطأ " وليست المشكلة في هذا الزعم بحد ذاته في نظر العقل، ففي النهاية: لو أن هذا الخالق الحكيم قرر أن يرسل لنا رسالة، فمن المنطقي أن تكون ثابتة غير متفاوتة، وبما أن الديانات المختلفة لها مزاعم متناقضة، فلا يمكن أن يكونوا جميعاً على حق! لكن التحدي هنا هو تحديد أى هذه الديانات إن كان أحدها على حق. فبدلا من شخص واحد يدعي أنه قد جاء لقراءة عداد الغاز، هناك سبعة!!
لم يضِع كل شئ الآن، فبالنظر إلى كل هؤلاء الناس مجتمعين أمام بابك، وباستخدام نفس العملية العقلية المنطقية، هناك بعض الأشياء التي يمكنك استخدامها بسهولة لاختيار من منهم حقاً هو المفوَّض لقراءة عداد الغاز، فمثلاً: هو أو هي قد يكون معه شيئاً لتحديد الهوية وزياً موحداً يحمل اسم شركة الغاز التي تتعامل معها، وربما جهاز لقراءة عداد الغاز. وبالطريقة نفسها هناك بعض العلامات التي نستطيع استخدامها لتمييز الدين الحق من الدين الباطل.
ولأن هذا الموضوع عاطفي، فإنه ليس من مضيعة الوقت أن نتفكر في بعض الطرق المغلوطة المستخدمة في تحديد هذا الأمر. كأن نقول: أيهم يشبهني أو هو من عِرقي؟ هل ستستخدم هذا المنطلق لتقرر من سيدخل المنزل ويقرأ عداد الغاز؟ فالمجرمون يأتون من كافة الأعراق والألوان، كما هو الحال مع جباة فواتير الغاز.
هل نقول مثلاً:" دعني أحدد حسب شعوري من هو الحقيقي، ثم سأؤمن أنه هو "لا أعتقد هذا! حسناً، ماذا عن الشخص الذي يعرض عرضاً جيداً كأن يقول:" إذا آمنت بي كقارئ لعداد الغاز، فسأعطيك غازاً مجانياً للأبد". العرض مغرٍ، لكن طبعا لا!
أو ربما تختار الشخص الذي يشبه من كان يدق الباب على أهلك في بعض الأحيان ، ( حتى و إن لم يكن لديهم غاز أصلاً ) .
ماذا عمن يبدو عليه أنه الأذكى، ويملك أكثر قدرة من النقود، لا أظن ذلك.
النقطة التي نريد الوصول إليها هنا: أنه عندما يتعلق الأمر بالدين، فعليك أن تستبعد أفكاراً معينة، كمثال: أن تتبع ببساطة الديانة التي كان تبعها أسلافك أيا ما كانت فقط لأنها تبدو معروفة، أو لأنك تحبهم كثيراً ولا تتصور أنهم قد يكونوا مخطئين! أنا واثق أنكم جميعاً تفعلون بعض الأشياء إن لم تكن أشياء عديدة تخالف ما كان يفعله أهلكم، فكيف إذن يمكن أن يخطئوا في هذه الأشياء ولا يخطئون في الدين؟