القرآن و العصر الحديث
المشكلة في الحكم على أي كتاب أو تنزيل بناء على الأخلاق والقوانين فقط، أن هذه الأخلاق والقوانين هي أصلا غير متفق عليها عالمياً. فعلى سبيل المثال: هناك أشياء قد تبدو كعقوبات قاسية جداً في ثقافة ما ولكنها تبدو غير ذلك في ثقافات أخرى. تحديد عدد الزوجات قد يبدو تحديداً غير منطقي في مجتمعات تعتمد على الزواج لتوفير الأمن الاجتماعي للنساء ويمسارون تعدد الزوجات غير المحدود. فبالنسبة لهم فإن قانون الزواج من زوجة واحدة قد يبدو جنوناً، بالذات في نظر النساء اللاتي يعتمدن على التعدد لأمنهن، هذا النظام الذي أنشأ نفسه تحت شعار"العالم الحر المتحضر"هو نفسه يغير القوانين والأخلاق باستمرار بناءً على العديد من الأشياء، الأشياء التي كانت سيئة قبل عشر سنوات تعتبر اليوم مقبولة، والعكس صحيح، ومع هذا فبعض المتحدثين عن القيم لـ "العالم الحر" يتحدثون عما يعتبرونه أخلاقهم وقيمهم وكأنها مقدسة ومنزلة، وهي ليست كذلك بالطبع، بل العكس هو الصحيح.
النقطة هنا هي أن المشكلة الكبرى لدى بعض الناس مع الإسلام هي في الواقع ليست حقاً معياراً صحيحاً يمكن من خلالها الحكم عليه، بل منطقياً يجب على الإنسان أن يقول: إذا كان لدينا أسباب وأدلة مقنعة أن هذا الكتاب منزل من الخالق، فعلى الإنسان أن يرضى بأن الخالق يعلم ما هو أفضل لنا. في الحقيقة إن الإنسان يميل إلى أن يختار أخلاقاً ومبادئ وقوانين تشعره بالراحة بدلاً من أن يختار ما يكون حقاً ذا منفعة حقيقية له، أو أن بعض الناس(كأصحاب السلطة) يخترعون نظاماً وقوانين وقيماً أخلاقية لتبقيهم في السلطة! فالحقيقة هي أن هناك الكثير من الأشياء النافعة لنا ولا نحبها، ونحب أشياء هي في الحقيقة ضارة لنا، لذلك فعلينا أن نضع مسألة ما يسمى بعدم توافق الإسلام مع الحياة المعاصرة جانباً ونعتبرها تعمية عن القضية الجوهرية(أو أنها يمكن أن تكون رجلاً آخر بسروال أحمر).