السبب الوحيد للشر
· الإسلام لا يصنف جميع المصائب على انها "ابتلاءات"، لكنه يفرق بين العقاب والابتلاء. الابتلاءات والمحن هي اختبار لشخصية الإنسان وقوة إيمانه، أما العقاب فيأتي نتيجة ارتكاب ذنب أو تجاوز.
· الإسلام يعتبر الآثام والذنوب السبب الوحيد للشر، ويحمل البشر مسؤولية وقوع الشر وعواقبه المؤلمة.
· في العديد من الآيات، يوضح القرآن الكريم أن أي شر أو كارثة تصيب البشر هي بسبب الذنوب التي ارتكبوها عن عمد:
مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ
(النساء 4: 79)
وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير
(الشورى 42: 30)
· ختام الآية الأخيرة ﴿ ... وَيَعْفُو عَن كَثِير ...﴾ يدل على عن صبر الله تعالى على عباده ورحمته بهم. فعلى الرغم من مقدرته عز وجل على أن ينزل العقاب فوراً، إلا أنه لا يفعل. بل على العكس، يتجاوز عن الكثير من الأخطاء والسيئات التي يرتكبها البشر، ويمهلهم ويعطيهم الفرصة تلو الأخرى لكي يستغفروا ويتوبوا. وإلا، إذا عاقب الله عز وجل البشر في الحال على كل مخالفة يومية، ابتداءً من كل نظرة أو كلمة أو فكرة خبيثة إلى كل أنواع الجرائم، فسيعيشون في مصائب وابتلاءات مستمرة.
· على الرغم من شدتها، العقوبات الدنيوية التي تقع على شكل كوارث طبيعية مدمرة أو أوبئة أو حروب، هي رسائل تحذيرية أكثر في جوهرها، غرضها الحث على محاسبة النفس وتصحيح أخطائها، كما جاء في قول الله تعالى :
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
(سورة الروم 30: 41)
· يوجد في العالم مشاكل ومآسي لا حصر لها – مثل الإبادة الجماعية، والتعذيب، والعنصرية، والحصانة من العقاب، والإدمان، وانتشار الجوع، والسمنة، والربا، والقمار، والانحلال الأخلاقي وغيرها من الأمراض الاجتماعية – ومن واجب كل إنسان (وليس الله تعالى) أن يشارك بفعالية وحماس في مقاومتها وإزالتها، مع السعي الإيجابي في تغير الواقع السيء وجعل العالم مكانًا أفضل، تطبيقًا للعديد من مبادئ الإسلام و تعاليمه، مثل قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ
(صحيح مسلم)
• حدد القرآن الكريم دور البشر في الوجود بأنه خلافة الله على الأرض، وذلك بإقامة قانونه العادل والمستقيم في واقع الحياة على مستوى الفرد والجماعة. يعني هذا أنه يجب على البشر العمل بلا كلل من أجل تحسين أنفسهم باستمرار وتحسين الآخرين أيضًا، جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على الأرض التي خلقها الله لهم، ومهَّدها لاستقرارهم. فعلى كل إنسان إحداث تأثير حقيقي في محيطه وعالمه بما يحقق الخير والنفع وعمارة الأرض.
• المسلم، بالمعنى الحرفي للكلمة، هو من يسلم أموره لله عز وجل ويجد السلام في ذلك التسليم لأمره والرضا بقضائه، سواء أكان المكروه الذي أصابه اختبارًا أم عقابًا أم كليهما؛ فالمسلم يثق بالله جل وعلا دون البحث والتساؤل كثيرًا عن العلة وراء قضاء الله وقدره. وتمثل عبارة "الله أعلم" سمة مميزة من سمات المسلمين، ينهون بها جميع تساؤلاتهم عن تقلبات الحياة وقضاء الله وقدره. ويظل من واجبهم، في كل تصاريف القدر، اتخاذ موقف إيجابي والنظر في حياتهم لمعرفة ما إذا كانت تصرفاتهم تتماشى حقًّا مع كتاب الله وقيمه.
• يرتكز الثواب والعقاب على الصواب والخطأ؛ فالغرض منهما هو تطبيق عدل الله سبحانه وتعالى. ويؤكد الإسلام أن أعمال الإنسان لن تمر دون محاسبة؛ فكل كلمة، وكل فعل، وكل خاطر، وكل نية تصدر من الإنسان تُكتَب وتُسجَّل عليه، ثم يُجازى عليها بالثواب أو العقاب، بعض منه يقع في هذه الحياة الدنيا، ولكن بالتأكيد كله سيأتي في الحياة الآخرة. ويعبر القرآن عن دقة هذا الحساب الذي ينتظر كل فرد على النحو التالي:
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
(سورة الزلزلة 99: 7-8)