يكره سؤال شيء من الدنيا بوجه الله
يكره سؤال شيء من الدنيا بوجه الله ، لأن الله أجل من أن يُسأل بوجهه شيء من حطام الدنيا ، وفي الحديث الذي رواه أبو داود في "سننه" (1671) عن جابرٍ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ( لا يُسأل بوجْه الله إلا الجنَّةُ ) .
قال "الطيبي" في "شرح المشكاة" (5/ 1566) : " هذا يحتمل أمرين : أحدهما : أن يكون معناه لا تسألوا من الناس شيئًا بوجه الله مثل أن تقولوا لأحد : يا فلان أعطني شيئًا بوجه الله ، أو بالله ؛ فإن اسم الله تعالي أعظم من أن يُسأل به شيء من متاع الدنيا ، بل اسألوا به الجنة.
والثاني: لا تسألوا الله شيئاً من متاع الدنيا، بل سلوا الله رضاه والجنة، فإن متاع الدنيا لا قدر له ".
وقد نص الفقهاء على "كراهة" ذلك ، قال "الهيتمي" في "تحفة المحتاج" (7/ 179) : " وَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُكْرَهُ سُؤَالُ مَخْلُوقٍ بِوَجْهِ اللَّهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ السُّؤَالَ بِاَللَّهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْوَجْهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَجْهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ فَتَسَاوَيَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ فِيهِ مِنْ الْفَخَامَةِ مَا يُنَاسِبُ أَنْ لَا يُسْأَلَ بِهِ إلَّا الْجَنَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا حُذِفَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ سُؤَالَ الْمَخْلُوقِ بِوَجْهِ اللَّهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْجَنَّةِ كَتَعْلِيمِ خَبَرٍ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ بِوَجْهِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا يُكْرَهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ " انتهى .
وقال "الخطيب الشربيني" في "مغني المحتاج" (4/ 198) : " يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ غَيْرَ الْجَنَّةِ، وَأَنْ يَمْنَعَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ بِاَللَّهِ، وَتَشَفَّعَ بِهِ، لِخَبَرِ: لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ وَخَبَرِ: مَنْ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ لَكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد "، انتهى .