الابتلاء في الرزق
قد يكون التضييقُ في الرزق اختبارًا من الله تعالى لبعض عباده الصالحين.
قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].
• قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: أخبر تعالى أنه يبتلي عبادَه المؤمنين؛ أي: يختبرهم ويمتحنهم، فتارةً بالسراء، وتارةً بالضراء من خوفٍ وجوعٍ؛ فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه؛ ولهذا قال: ﴿ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ﴾ [النحل: 112]، وقال ها هنا:﴿ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ﴾؛ أي: بقليلٍ من ذلك، ﴿ ونقصٍ من الأموال ﴾؛ أي: ذَهاب بعضها، ﴿ والأنفس ﴾: كموتِ الأصحاب والأقارب والأحباب، ﴿ والثمرات ﴾؛ أي: لا تغل (لا تثمر) الحدائق والمزارع كعادتها،كما قال بعض السلف: فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدةٍ،وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده، فمَن صبر أثابه الله، ومن قنط أحَلَّ الله به عقابه؛ولهذا قال: ﴿ وبشر الصابرين ﴾؛ (تفسير ابن كثير - جـ 1 - صـ 467).
الشيطان يخوِّف المسلمَ من الفقر:
قال الله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268].
• قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: اثنانِ من الله، واثنان من الشيطان، الشيطان يعدكم الفقر، يقول: لا تنفق مالك، وأمسِكْه عليك؛ فإنك تحتاج إليه، ويأمركم بالفحشاء، واللهُ يعدكم مغفرةً منه على هذه المعاصي، وفضلًا في الرزق؛ (تفسير الطبري - جـ 5 - صـ 5).
• قال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية: يعني بذلك تعالى ذكرُه: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ﴾ [البقرة: 268] أيها الناس بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم أن تفتقروا،قوله: ﴿ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ يعني: ويأمركم بمعاصي الله عز وجل، وترك طاعته، قوله: ﴿ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ ﴾ يعني أن الله عز وجل يعدكم أيها المؤمنون أن يستُرَ عليكم فحشاءكم بصفحِه لكم عن عقوبتكم عليها، فيغفر لكم ذنوبكم بالصدقة التي تتصدقون،قوله: (وفضلًا) يعني: ويعدكم أن يخلف عليكم من صدقتكم، فيتفضل عليكم من عطاياه، ويسبغ عليكم في أرزاقكم؛ (تفسير الطبري - جـ 5 - صـ 5).
قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ يعني تعالى ذكره: والله واسع الفضل الذي يعدكم أن يعطيكموه من فضله وسَعة خزائنه، عليم بنفقاتكم وصدقاتكم التي تنفقون وتَصَدَّقون بها، يحصيها لكم حتى يجازيكم بها عند مقدَمكم عليه في آخرتكم؛ (تفسير الطبري - جـ 5 - صـ 8).