نفحات قرآنية في سورتي فاطر ويس
قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10]
قوله: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾، أي: إليه يُرفع كل كلام طيب من ذكر ودعاءٍ وتلاوة قرآن وتسبيح وتمجيد ونحو ذلك.
والعمل الصالح من أعمال القلوب وأعمال الجوارح يرفعها الله إليه أيضًا.
وقيل: الكلم الطيب هو الشهادتان، يرفعهما العمل الصالح ويصدقهما، يعني: إن الشهادتين لا قيمة لهما بدون عمل صالح إذا كان ممكنًا.
وقيل: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيببحسب أعمال العبد الصالحة، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى الله تعالى.
قال قتادة: لا يقبل الله قولًا إلَّا بعمل، من قال وأحسن العمل قبل الله منه، وقال مجاهد: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب، وقال إياس بن معاوية: لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام الطيب، وقال الحسن: لا يقبل الله قولاً إلا بعمل.
• • •
قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [فاطر: 11]
قوله: ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ﴾ ، أي: وما يطول عُمر أحدٍ من الخلق فيصبح هرماً، ولا يُنقص من عُمر أحد فيموت وهو صغير أو شاب إِلا وهو مسجَّل في اللوح المحفوظ، لا يُزاد فيما كتب الله ولا يُنقص.
والعمر يشمل:
الأجل الطبيعي، والأجل الاخترامي الذي يحصل بسبب الأوبئة والحروب، والأجل الذي يزاد بسبب البِر، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه" [أخرجه البخاري برقم (2067)، ومسلم برقم (2557)].
• • •
قال تعالى: ﴿ إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 25 - 27].
عندما قال لهم: ﴿ إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ قتلوه، ثم أمر الله بإدخاله الجنة فلما رأى الجنة قال: ﴿ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾، قال العلماء: نصح قومه في حياته وبعد مماته.
• • •
قال تعالى: ﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [يس: 30]
أي: يا حسرة على العباد تغمرهم وتغشاهم، وتحل بهم؛ نتيجة استهزائهم وكفرهم وقتلهم للأنبياء والدعاة.