كثرة الرزق في الدنيا لا تدل على محبة الله
كثرة الرزق في الدنيا لا تدل على محبة الله تعالى، ولكنَّ الكفارَ لجهلهم ظنوا ذلك، ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 35، 36]، يظن كثير من الكفار والمترفين بأن كثرة الأموال والأولاد دليل على مَحبَّة الله لهم! فردَّ الله عليهم: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ﴾ [سبأ: 37]. وقال سبحانه: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55، 56]؛ يُخطِئُ الذين يظنون أنه ما وَسَّعَ عليهم إلاَّ لفضلهم وعلوِّ مكانتهم، ويُخطِئُ الذين يَعْظُمُ في نفوسهم الأثرياءُ المستكبرون المختالون في الأرض، وقد أخذ اللهُ قارونَ أخْذَ عزيزٍ مقتدر، فخَسَفَ به وبداره الأرض، ﴿ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاَ أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [القصص: 81، 82].
والدنيا كلُّها لا تَزِنُ شيئًا عند الله سبحانه؛ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» صحيح - رواه الترمذي، فليس كَثْرَةُ العطاء في الدنيا دليلًا على كرامة العبد عند الله، كما أنَّ قِلَّته ليس دليلًا على هَوانِه عنده؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الإنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلاَّ ﴾ [الفجر: 15-17]. فالغِنَى والفقر والسَّعة والضِّيق، ابتلاءٌ من الله وامتحان؛ لِيَعْلَمَ الشَّاكِرَ من الكافر، والصَّابِرَ من الجازِع.