حكم دعاء غير الله تعالى من الأموات والغائبين
دعاء غير الله تعالى من الأموات والغائبين: شرك بالله تعالى؛ لأن الدعاء عبادة، فمن صرفه لغير الله فقد أشرك، وقد جاء مصرحا بذلك في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى.
قال الله تعالى: (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ) يونس/106.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (15/ 219): " (فإنك إذًا من الظالمين)، يقول: من المشركين بالله، الظالمي أنفُسِهم" انتهى.
وقال تعالى: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر/14.
وقال تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) المؤمنون/ 117 .
وفي "صحيح البخاري" (4497) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار).
وقد حكى العلماء الإجماع على كفر من يجعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/ 124).
وهذا الإجماع نقله غير واحد من أهل العلم مقرين له، وانظر في ذلك: "الفروع" لابن مفلح (6/ 165)، "الإنصاف" (10/ 327)، "كشاف القناع" (6/ 169)، "مطالب أولي النهى" (6/ 279).
قال في "كشاف القناع" بعد ذكر هذا الإجماع في باب حكم المرتد: "لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) " انتهى.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله: "ولو جاء إنسان إلى سرير الميت يدعوه من دون الله ويستغيث به، كان هذا شركاً محرماً بإجماع المسلمين" انتهى من "الصارم المنكي في الرد على السبكي"، ص 325 .