القليل الكثير
قال إبراهيم:
قليل الخير كثير، وقليل الشر كثير. وإن الحمد مغنم، والذم مغرم (1).
أولياء الله
قال إبراهيم بن أدهم لأخ له في الله:
إن كنت تحب أن تكون لله ولياً، وهو لك محب، فدع الدنيا والآخرة، ولا ترغبن فيهما، وفرغ نفسك منهما، وأقبل بوجهك على الله، يقبل الله بوجهه عليك، ويلطف بك.
فإنه بلغني أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا - عليهما السلام -:
يا يحيى! إني قضيت على نفسي أن لا يحبني عبد من عبادي، أعلم ذلك منه، إلا كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي يتكلم به، وقلبه الذي يفهم به.
فإذا كان كذلك، بغضت إليه الاشتغال بغيري، وأدمت فكرته، وأسهرت ليله، وأظمأت نهاره.
يا يحيى، أنا جليس قلبه، وغاية أمنيته وأمله، أهب له كل يوم وساعة، فيتقرب مني وأتقرب منه، أسمع كلامه، وأجيب تضرعه.
فوعزتي وجلالي، لأبعثنه مبعثاً يغبطه به النبيون والمرسلون، ثم آمر منادياً ينادي: هذا فلان بن فلان ولي الله وصفيه، وخيرته من خلقه، دعاه إلى زيارته ليشفي صدره من النظر إلى وجهه الكريم.
فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه، فنظر إلي كيف شاء، وأقول: أبشر، فوعزتي وجلالي، لأشفين صدرك من النظر إلي، ولأجددن كرامتك في كل يوم وليلة وساعة (1).
تأصيل الزهد
قال حذيفة المرعشي:
دخلنا مكة مع إبراهيم بن أدهم، فإذا شقيق البلخي قد حج في تلك السنة. فاجتمعنا في شق الطواف.
فقال إبراهيم لشقيق: على أي شيء أصلتم أصلكم؟
قال: أصلنا أصلنا على: أنا إذا رزقنا أكلنا، وإذا منعنا صبرنا.
فقال إبراهيم: هكذا تفعل كلاب بلخ.
فقال له شقيق: فعلى ماذا أصلتم؟
قال: أصلنا على: أنا إذا رزقنا آثرنا، وإذا منعنا شكرنا وحمدنا.
فقام شقيق، فجلس بين يدي إبراهيم فقال: يا أستاذ، أنت أستاذنا (1).
ذل الطاعة
قال إبراهيم:
ما ينبغي لمن ذل لله في طاعته، أن يذل لغير الله في مجاعته (2).
مقامات الزهد
قال إبراهيم بن أدهم:
أقرب الزهاد من الله عز وجل أشدهم خوفاً.
وأحب الزهاد إلى الله أحسنهم له عملاً.
وأفضل الزهاد عند الله أعظمهم فيما عنده رغبة.
وأكرم الزهاد عليه أتقاهم له.
وأتم الزهاد زهداً، أسخاهم نفساً، وأسلمهم صدراً.
وأكمل الزهاد زهداً، أكثرهم يقيناً (1).
كفاية الزاهد
قال إبراهيم بن أدهم:
الزاهد يكتفي من الأحاديث، والقيل والقال، وما كان وما يكون، بقول الله تعالى:
{لِأَىِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍۢ لِّلْمُكَذِّبِينَ} (2)
يوم يقال:
{ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (3).
قال إبراهيم:
فبلغني أن الحسن قال في قوله:
{كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}
لكل آدمي قلادة فيها نسخة عمله فإذا مات طويت وقلدها، فإذا بعث نشرت، وقيل:
{ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}
ابن آدم، لقد أنصفك ربك، وعدل عليك من جعلك حسيب نفسك، يا ابن آدم، فكايس (1) عنها، فإنها إن وقعت لم تنج.
قال إبراهيم:
فمن فهم هذا بقلبه، استنار وأشرق، وأيقن وهدي، واعتصم إن شاء الله (2).
طلب الحلال
لقي الأوزاعي إبراهيم بن أدهم، وعلى عنقه حزمة حطب، فقال له:
يا أبا إسحاق إلى متى هذا؟ إخوانك يكفونك.
فقال: دعني عن هذا يا أبا عمرو، فإنه بلغني أنه من وقف موقف مذلة في طلب الحلال، وجبت له الجنة (1).
المراجع
- حلية الأولياء 8/ 35.
- حلية الأولياء 10/ 82.
- حلية الأولياء 8/ 37.
- البداية والنهاية 10/ 163.
- حلية الأولياء 8/ 70.
- سورة المرسلات الآيات 12-15؟
- سورة الإسراء: الآية 14.
- كايس: الكيس: ضد الحمق، والمعنى: استعمل الحكمة والعقل من أجل نفسك.
- حلية الأولياء 8/ 70.
- إحياء علوم الدين 2/ 63.