مَحَاوِر الوَعْظ عندَ الشَيخ عَبدالقَادِر
مَحَاوِر الوَعْظ عندَ الشَيخ عَبدالقَادِر
كانت دروس وعظ الشيخ مثمرة ناجحة، فقد تاب فيها كثيرون، وأسلم فيها كثيرون.
وهذا النجاح - فيما أرى - يرجع إلى عوامل كثيرة في مقدمتها أمران:
الأول: معرفة الشيخ بواقعه الذي يعالجه
والثاني: أسلوب الخطاب الذي استعمله.
أما الأول: فإنا نتعرف عليه من الأوصاف الدقيقة التي تبين حال المجتمع الذي يعالج الشيخ أمراضه ومن أمثلة ذلك:
- "قد عم الرياء والنفاق والظلم، وكثرة الشبهة والحرام، قد كثر كفران نعم الحق عز وجل، والاستعانة بها على الفسق والفجور".
- "لقد كثر العاجز في بيتهن المتقي في دكانه، الزنديق في شرابه، الصديق على كرسيه" (1).
إن تشخيص الداء أمر مهم لوصف الدواء.
وأما الثاني: وهو أسلوب الخطاب، فإن الشيخ بالرغم من علمه بدقائق واقع الناس، فإنه لم يكن يواجههم بما ينفرهم، وإنما كان خطابه عاماً، لا يخاطب شخصاً بعينه ولا فئة بعينها، متبعاً في ذلك السنة في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا. .).
فقد كان يخاطب الناس فيقول: يا قوم، يا غلام، يا مسكين.
ويعلم أن مواجهة كل فرد بانحرافه يؤدي إلى نفرة الناس، ويقرر ذلك بقوله: "لو كشفت بعض ما عندي كان ذلك سبب الفراق بيني وبينكم" (1).
ولا يكتفي بهذا بل هو يضحك في وجه المذنبين، حتى لا ينفرهم، وحتى يتيح لهم الجلوس إليه، ويقول في ذلك: "لا يضحك في وجه الفاسق إلا العارف. . العارف يجتهد في تخليص العاصي من يد الشيطان والنفس والهوى" (2).
المراجع
- الفتح الرباني، ص 17.
- الفتح الرباني، ص 17.
- الفتح الرباني، ص 224