المحاور التي سلكها الشيخ عبدالقاادر في علاج امراض المجتمع (المحور الرابع)
4- إصلاح التصوف والزهد:
يرى الشيخ أن مفهوم التصوف قد انحرف عن معناه، وأصبحت المظاهر تشغل أصحابه بعد أن كان هدفه صفاء الباطن. ولذا فهو يتوجه إليهم بالنصيحة لتصحيح المسار فيقول:"يا من قد لبس الصوف، أَلبسِ الصوف لسرك ثم لقلبك، ثم لنفسك ثم لبدنك. بداية الزهد من هناك، لا من الظاهر إلى الباطن، إذا صفا السر تعدى الصفاء إلى القلب والنفس والجوارح، والمأكول والملبوس، وتعدى إلى جميع أحوالك، أول ما يعمر داخل الدار، فإذا كملت عمارتها، أخرج إلى عمارة الباب، لا كان ظاهر بلا باطن. ." (1).
وقال:
"يا غلام، صف قلبك بأكل الحلال وقد عرفت ربك عز وجل، صف لقمتك وخرقتك وقلبك وقد صرت صافياً، التصوف مشتق من الصفاء، يا من لبس الصوف، الصوفي الصادق في تصوفه يصفو قلبه عما سوى مولاه عز وجل، وهذا شيء لا يجيء بتغير الخرق، وتصفير الوجوه، وجمع الأكتاف، ولقلقة اللسان بحكايات الصالحين، وتحريك الأصابع بالتسبيح والتهليل، وإنما يجيء بالصدق في طلب الحق عز وجل، والزهد في الدنيا، وإخراج الخلق من القلب. ." (2).
ويتجه إلى الذين ادعوا الزهد وتركوا العمل فيقول لهم:يا طالب الدنيا بنفاقه، افتح يدك، فما ترى فيها شيئاً، ويلك، زهدت في الكسب وقعدت تأكل أموال الناس بدِينِك، الكسب صنعة الأنبياء جميعهم، ما منهم إلا من كان له صنعة. ." (1).
ويلوم الزهاد على جهلهم ويطلب منهم ان يتعلموا فيقول:
"يا من اعتزل بزهده مع جهله، تقدم واسمع ما أقول: يا زهاد الأرض، تقدموا، خرِّبوا صوامعكم واقتربوا مني، قد قعدتم في خلواتكم من غير أصل.. تقدموا والقطوا ثمار الحكم رحمكم الله. ." (2).
إنها صرخات في سبيل إصلاح مدَّعي التصوف والزهد.
المراجع
- الفتح الرباني، ص 111.
- الفتح الرباني، ص 115.
- الفتح الرباني، ص 187.
- الفتح الرباني، ص 95.