بناء الباطن أولاً
بناء الباطن أولاً
قال أبو محمد:
المرائي ثوبه نظيف وقلبه نجس، يزهد في المباحات ويأكل الحرام الصريح، يأكل بدينه ولا يتورع جملة.
كل زهده وطاعته على ظاهره.
ظاهره عامر، وباطنه خراب.
ويلك! طاعة الله عز وجل بالقلب لا بالقالب.
أنت لسانك ورع، وقلبك فاجر.
لسانك يحمد الله عز وجل، وقلبك يعترض عليه.
ظاهرك مسلم، وباطنك كافر.
ظاهرك موحد، وباطنك مشرك.
زهدك على ظاهرك، دينك على ظاهرك، وباطنك خراب كبياض على بيت الماء (1)، وقفل على مزبلة. إذا كنت هكذا خيم الشيطان على قلبك وجعله مسكناً له.
المؤمن يبتدئ بعمارة باطنه، ثم بعمارة ظاهره، كالذي يعمل داراً ينفق على الداخل منها مبالغ من المال، وبابها خراب، فإذا أكمل عمارتها بعد ذلك يعمل بابها.
هكذا البداية بالله عز وجل ورضاه، ثم الالتفات إلى الخلق بإذنه.
البداية بتحصيل الآخرة، ثم تتناول الأقسام (2) من الدنيا. [44- 45]
كيف تتلقى العلم
قال أبو محمد:
السماع - عندي في الخير - أولاً بالسر، ثم بالقلب، ثم بالجوارح.
إذا دخلت عليَّ، فادخل وقد عزلت علمك وعملك، ولسانك ونسبك وحسبك، مع نسيان أخلك ومالك.
قف بين يدي عريان القلب عما سوى الحق عز وجل، حتى يكسوه بقربه وفضله.
إذا فعلت هذا - عند دخولك - صرت كالطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً (1). [18]
تكلف العبادة
قال أبو محمد:
التقي لا يتكلف عبادة الحق عز وجل، لأنها صارت طبعه، فهو يعبد الله بظاهره وباطنه من غير تكلف منه.
وأما المنافق، فهو في كل أحواله يتكلف، ولا سيما في عبادة الحق عز وجل. يتكلفها ظاهراً ويتركها باطناً، لا يقدر أن يدخل مداخل المتقين. [47]
المراجع
- بيت الماء: أي بيت الخلاء.
- الأقسام: جمع قسم، وهو نصيبك وما قُدِّر لك.
- أي تغدو بكرة وهي جياع، وتروح مساء وهي ممتلئة البطون.