كن واعظ نفسك
كن واعظ نفسك
قال أبو محمد:
كن أنت واعظ نفسك، ولا تحتج إليَّ ولا إلى غيري.
وعظي على ظاهرك.
ووعظك على باطنك.
عظ نفسك بدوام ذكر الموت، وقطع العلائق والأسباب.
تعلق برب الأرباب الخلاق العظيم العليم.
تعلق برحمته ورأفته. [243]
مخالطة العلماء
قال أبو محمد:
يا جهال! خالطوا العلماء، واخدموهم وتعلموا منهم.
العلم يؤخذ من أفواه الرجال.
جالسوا العلماء بحسن الأدب، وترك الاعتراض عليهم، وطلب الفائدة منهم، لينالكم من علومهم، وتعود عليكم بركاتهم، وتشملكم فوائدهم.
جالسوا العارفين بالصمت.
وجالسوا الزاهدين بالرغبة فيهم.
يا جاهل! اترك الدفتر من يدك.
وتعال اقعد هاهنا بين يدي.
العلم يؤخذ من أفواه الرجال، لا من الدفاتر.
يؤخذ من الحال، لا من المقال. [228- 214]
شراء مملوك
قال أبو محمد:
اشترى رجل مملوكاً. وكان ذلك المملوك من أهل الدين والصلاح.
فقال له: يا مملوك، إيش تريد أن تأكل؟
فقال: ما تطعمني.
فقال له: ما الذي تريد أن تلبس؟
فقال: ما تلبسني.
فقال له: أين نريد أن تقعد في داري؟
فقال: موضع ما تقعدني.
فقال له: ما الذي تحب أن تعمل من الأشغال؟
فقال: ما تأمرني.
فبكى الرجل، وقال: طوبى لي لو كنت مع ربي عز وجل كما أنت معي.
فقال المملوك: يا سيدي وهل للعبد مع سيده إرادة أو اختيار؟
فقال له: أنت حر لوجه الله.[255]
ضبط اللسان
قال أبو محمد:
دعوا أكثر الهذيان، والقيل والقال، وإضاعة المال.
لا تكثروا من القعود مع الجيران والأصدقاء والمعارف لغير سبب، فإن ذلك هوس.
أكثر ما يجري الكذب والغيبة بين اثنين.
والمعصية إنما تتم بين اثنين.
لا يخرج أحد منكم من بيته إلا إلى ما لا بد منه، من مصالحه ومصالح أهله.
اجتهد أن لا تبدأ بالكلام، بل يكون كلامك جواباً.
إذا سألك سائل عن شيء، فإن كان في جوابه مصلحة لك وله، وإلا فلا تجبه. [226]
اشتغلوا بما أمرتم
قال أبو محمد:
كل ساعة تسألون الله عز وجل أن يزيدكم في مأكولكم ومشروبكم وملبوسكم وأرزاقكم.
هذا شيء لا يزيد ولا ينقص، ولو دعا معكم كل داع مجاب الدعوة.
ما يزيد الرزق ذرة، ولا ينقص منه ذرة.
هذا شيء مفروغ منه.
اشتغلوا بما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه.
لا تستغلوا بما لا بد من مجيئه، لأنه ضمن لكم مجيئه.
الأقسام تجيء في أوقاتها المؤرخة.
الحلو منها والمر.
ما تحبون وما تكرهون. [270]
حذر وخوف
قال أبو محمد:
يا غلام! القوم يواصلون الضياء بالظلام في عبادة الحق عز وجل.
وهم على قدر الخوف والحذر.
يخافون من سوء العاقبة.
جهلوا علم الله عز وجل فيهم وعاقبة أمرهم.
فواصلوا الضياء بالظلام حزناً وكآبة وبكاء، مع دوام الصلاة والصيام والحج وجميع الطاعات.
ذكروا ربهم عز وجل بقلوبهم وألسنتهم. [271]