"محمد رسول الله" معناها وشروطها
أن يشهد الإنسان "أن محمداً رسول الله" يعني أنه أقرَّ بقلبه ناطقاً بلسانه أن لا أحد يستحق الاتباع إلاّ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. فإسلام المرء لا ينعقد حتى يعتقد كامل الاعتقاد أنه لا يجوز اتباع نبيّ آخر غير النبي صلى الله عليه وسلم خاتَم الأنبياء وسيدهم. قال صلى الله عليه وسلم : "لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودياً كان أو نصرانياً فلا يؤمن بي إلاَّ كان من أصحاب النار" (1).
ولكي يحقق الإنسان شهادةَ أن "محمداً رسول الله" كما يريد الله ورسوله لابد له من أن يستوفي شروطها التي حددها علماء الإسلام في سبعة ندرجها كالتالي:
1. العلم بسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم).
إن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتم إلا بمعرفة سنته صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي." (2)، وقال أيضا:"طلب العلم فريضة على كل مسلم" (3). ومن أَوْجَبِ العلمِ تَعلُّمُ سنته (صلى الله عليه وسلم).
2. محبته.
وتعني أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب للمسلم من نفسه وولده. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين" (4). كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: " لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ، وَاللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الآنَ يَا عُمَرُ»" (5).
3. التصديق بما أخبر به.
إن كل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعدّ وحيا من الله، لذا وجب تصديقه سواء كان خبراً ماضيا كقصص الأنبياء والصالحين، أو خبراً حاضراً كأحوال الملائكة والجن، أو خبراً مستقبَلا كعلامات الساعة وأحوال أهل الجنة والنار. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ (6). أي صدِّقوه فيما قال.
4. طاعته.
أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله فقال:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ (7). أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قال: "كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى. قالوا ومن يأب يا رسول الله؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" (8). ومن طاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ترك ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم؛ يقول الله تعالى:﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ (9). وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوهُ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " (10).
5. تحقيق عبادة الله على منهاجه.
إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل عبادةً حتى تكون على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: ﴿فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (11). أي تَأسَّوْا به في عبادة ربكم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أي من عبد الله على غير سنته صلى الله عليه وسلم فعبادته مردودة عليه. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لا ينفع قول من غير عمل، ولا ينفع قول ولا عمل من غير نية، ولا ينفع قول ولا عمل ولا نية من غير موافقة السنة"
6. الإيمان بأفضليته.
الاعتقاد بإن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل دون تنقيص من رسول أو تحقير. قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر..." (12).
7. الإيمان بخاتَمِيَّته (صلى الله عليه وسلم).
ويعني الاعتقاد الجازم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والمرسلين؛ قال الله تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (13)، فلا يقبل مسلم بِمُدَّعٍ لنُبُوَّة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما كانت مكانته. قال صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي" (14). أي لَا لِأحد أن يدعي النبوة بعدي.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته. عن أبي هريرة، حديث رقم: 240.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب العلم باب 116ج5/244، وأبو داود في كتاب السنة باب 6ج5/213، وابن ماجة في مقدمة سننه باب 6ج1/15.
(3) أخرجه ابن ماجة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم من حديث أنس بن مالك، حديث رقم:224.
(4) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، من حديث أنس رضي الله عنه،حديث رقم:15. ومسلم كتاب الإيمان،باب وُجُوبِ مَحَبَّةِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنَ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَالْوَالِدِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ، وَإِطْلَاقِ عَدَمِ الْإِيمَانِ عَلَى مَنْ لمْ يُحِبَّهُ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ،من حديث أنس رضي الله عنه، حديث رقم:70.
(5) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عبد الله بن هشام، رقم الحديث:6632.
(6) سورة الحديد - سورة 57 - آية 28.
(7) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 20.
(8) أخرجه البخاري،كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي هريرة، رقم:7280.
(9) سورة الحشر - سورة 59 - آية 7.
(10) أخرجه ابن ماجة، كتاب الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي هريرة، رقم الحديث:1.
(11) سورة الأعراف - سورة 7 - آية158..
(12) أخرجه الترمذي باب:ومن سورة بني إسرائيل، من حديث أبي سعيد، رقم الحديث:3148
(13) سورة الأحزاب - سورة 33 - آية 40 .
(14) أخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حديث رقم:2404.