الدَّلِيلُ العاشر عَلَى بُطْلانِ مَقُولِة : (أَنَّ الْمَسِيحَ رَبٌّ)


ماجد بن سليمان

ثمَّ إنَّ الْمَسِيح رَحِيمٌ بِالنَّاسِ، شَفِيقٌ عَلَيهِمْ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِه الْعَقِيدة حقًّا (عَقِيدة أنَّه الرَّبُّ أو ابنُ الرَّبِّ) 

لَكَرَرَهَا وبَيْنَهَا بِوضُوحٍ لِتَثْبُت فِي عَقُول النَّاس، وَلَوَرَدَ ذِكرُها بِشَكْلٍ واضِحٍ جدًّا في الأَنَاجِيلِ الأَرْبَعة 

والرَّسَائِل الثَّلاثَة والعِشْرين الْمُلْحَقَة بِهَا، ولمْ يَكْتَفِ بِأُسُلوبِ التَّلْمِيح في مِثْل هَذِه الْمَسَائِل الْعَظِيمَة ويَتْرُك أُسْلوبَ التَّصْرِيح

 الْواضِح، ثمَّ يَسْتَعْملُه -أي أُسْلوبَ التَّصْريح الْواضِح- في مَسَائِل أَقَلَّ أَهَمِّيَّةٍ، لأنَّ الْمَسْأَلة مَصِيريَّة وعَقَائِديَّة، يَقُوم عَلَيها الدِّينُ كلُّه، 

ويَتَرَتَّب عَلَيهَا مَصِيرُ الإِنْسَانِ في الآخِرة، إمَّا جَنَّةٌ وإمَّا نَارٌ.

  • ومِنَ اللَّطِيف ذِكْرُه في هَذَا الْمَقَام: أنَّه قَدْ وَرَدَ نَصٌّ في «إنْجِيل يُوحَنَّا» (18: 19-20) يُبَيِّن أنَّ الْيَسُوع كَانَ وَاضِحًا دَائمًا، وهُو:
  • وانْظُر -أَيْضًا- أَيُّهَا الْقَارِئُ الْعَاقِل وأَيَّتُها الْقَارِئَة الْعَاقِلة إِلى الْوضُوح في قَوْل الْمَسِيح كَمَا في «إنْجِيل مُرْقُص» (12/29):
  • وانْظُر -أَيْضًا- إِلى الْوضُوح في تَقْرِيرِ وِحْدَةِ ذَاتِ اللهِ في قَوْل اللهِ كَمَا في «إشعيا» (9:46):

«فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تَلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ.

أَجَابَهُ يَسُوعُ: أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلَانِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ».

«اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيل: الرَّبُّ إلـٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ».

فَلَوْ كَانَ الْمَسِيح هُو الرَّبَّ لَقَالَ الْمَسِيحُ: (أنَا ربُّكُمْ)، بدلًا عَنْ قَوْلِه: (الرَّبُّ إلـٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ).

فَهَذَا النَّصُّ وَاضِحٌ في أَنَّ اللهَ هُو رَبُّ النَّاسِ كُلِّهِم؛ الْمَسِيحِ وغَيْره.

فَهَلْ مِنَ الْعَقْلِ أنْ نَتْرُكَ هَذَا النَّصَّ الصَّريحَ الْواضِحَ ثُمَّ نُلْغِي مَعْنَاه ونَقُول: إِنَّ الْمَسِيحَ رَبٌّ أو ابنُ الرَّبِّ، أوْ أنَّ اللهَ تَجَسَّدَ فِيه، أوْ... أوْ؟!

لوْ كَانَ الْمَسِيحُ هُو الرَّبَّ والـمُـخَـلِّص لصَرَّح بِوضُوحٍ, وقَالَ: (أنَا الرَّبُّ)، أوْ: (أنَا اللهُ، أنَا الإلـٰهُ، أنَا الْخَالِق، اعْبُدُوني)، وهَذَا لَا يُوجَد أَبدًا في أَيٍّ مِنَ الأنَاجِيل.

«اذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ، الإلـٰهَ وَلَيْسَ مِثْلِي». فَلَوْ كَانَ الْمَسِيحُ ابنَ اللهِ أوْ هُو اللهَ لَقَال اللهُ في النَّصِّ السَّابِق: (إِنِّي أنَا اللهُ وهُنَاك إلـٰهٌ آخَر وهُو يَسُوعُ)، لأَنَّ اللهَ واضِحٌ في كَلامِه، فَهُو يُرِيدُ الْخَيرَ والإِرْشَاد والْهِدَاية للنَّاسِ كُلِّهم، ولا يريد التشويش والأغلوطات، لأن هذا من قِلة البيان، وقلة البيان من صفات النقص، يتنزَّه الرب عنها وعن غيرها من صفات النقص، ولَكِنَّ هَذَا لمْ يَكُنْ، فعُلِم أنَّ الحقَّ هُو مَا تَقَرَّر مِنْ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ بِذَاتِه، والْمَسِيحُ وَاحِدٌ بِذَاتِه، لمْ يَـحِلَّ أَحَدُهُما في الآخَر.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الدَّلِيلُ العاشر عَلَى بُطْلانِ مَقُولِة : (أَنَّ الْمَسِيحَ رَبٌّ)

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day