تابع النقطة السادسة من الادلة التاريخية علي مقولة (ان المسيح رب)


ماجد بن سليمان

النَّتِيجَةُ الْمُؤلِمةُ لِدَوْرِ بُولِس

وبِهَذِه الأَكَاذِيب الْخَبِيثَة، والْمَكرِ اليَّهُودِيِّ الْعَظِيم، اسْتَطَاع الْخَبيثُ بُولِسُ أنْ يَقْلِبَ دِينَ الْمَسِيح رَأْسًا عَلَى عَقِب، وأَنْ يُدْخِل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْه، وأنَّ يُـحوِّل دِين الْمَسِيح مِنَ التَّوْحِيد إِلَى الشِّرك، ومع الأسف الشديد، فَمَا كَانَ مِنْ جُمْهُورِ النَّصَارَى إلَّا أنْ صَدَّقُوا بُولِس فِيمَا زَعَمَه، وابْتَدَأَ التَّقْلِيد الأَعْمَى لهُ إِلى يُومِنَا هَذَا، وانْسَلَخَ أَتْبَاع الْمَسِيح مِن عِبَادَة الْخَالِق -وهُو اللهُ- إِلَى عِبَادَة الْمَخْلُوقِين -وهُو الْمَسِيح عِيْسَى ابنُ مَرْيمَ وأمُّه-، ومِن تَعْظِيم اللهِ ووَصْفِه بِالغِـنَـى عَنْ مَخْلُوقَاتِه، إِلى وصْفِه بِالْحَاجَة لَهُم بِدَعْوى أنَّه اتَّخَذ صَاحِبةً وولدًا مِن مَخْلُوقَاتِه! 


وخِتاما، فيُمْكن تَلْخِيص دَوْر الْخَبِيثِ بُولسَ في تَحْرِيف دِينِ الْمَسِيح في خَمْسِ نِقَاطٍ:

1-  ادَّعَى بُولِس أنَّه رَسُولٌ مُعَيَّنٌ مِن قِبلِ يَسُوعَ.
   2-  ادَّعَى بُولِس أنَّ الْيَسُوع أَوْحَى إِلَيْه إِنْجِيلًا.
   3-  ادَّعَى بُولِسُ أنَّ يَسُوع ابنُ اللهِ.
   4- ادَّعَى بُولِسُ أنَّ خَطِيئَةَ أَبِينَا آدَمَ وأمِّنَا حَواءَ لمْ تُغْفَرْ، وأنَّ البَشَريَّة تُوارَثَتْهَا عَبْرَ الْقُرون، وهِيَ الْمَعْرُوفَة بـ«الْخَطِيئَة» أوْ «الْمَعْصِية الأُولَى».
   5-  ادَّعَى بُولِس أنَّ يَسُوعَ أَرْسَله اللهُ فَنَزَلَ إِلى الأَرْضِ ليُصَلْبَ ويَتعذَّب فِداءً للْبَشَريَّة مِن خَطِيئةِ أبَويهِم آدَمَ وحوَّاءَ.


وهكَذَا أَخْرَج الْخَبيث بُولِس جَمَاهِير النَّصَارى مِنْ دِين الْمَسِيح الْحَقِيقي الَّذِي يَدْعُو إِلى عِبَادَة اللهِ وتَرْكِ عِبَادَة مِنْ سِواه، إِلى دِينٍ لا يَـمُتُّ لدِينِ الْمَسِيح بِصِلَةٍ، أَلا وهُو الْوثَنِيَّة، الَّتي هِي عِبَادةُ الأَوثَان (وهِي الْجَمَادَات الَّتي لَا تَدبُّ فِيهَا الْحِياةُ، مِثلُ الأَحْجَار والصُّور والقُبور والصُّلْبان)، وعِبَادَة البَشَرِ، (كَالْـمَسِيح وأمِّه، وكالقَسَاوِسَة).


وبِعِبَارَةٍ مُخْتَصرةٍ؛ فَإنَّ دِينَ الْمَسِيح تَحوَّل عَلى يَدِ بُولِس مِنْ عِبَادَة الْخَالِق إِلى عِبَادَة الْمخْلُوق، ومِن اتِّـباع النَّبيِّ الْحَقِيقيِّ -وهُو الْمَسِيح- إِلى اتِّـباع مُدَّعٍ للنُّبوَّة وهُو بُولِس.
وقَدْ بَقِي بُولِس في مَهَمَّتِه (مَهَمَّةِ تَشْويه دِين الْمَسِيح) بَعْد رَفْع الْمَسِيحِ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثِينَ سَنةً، وكَانَت بداية مهمته بَعْدَ رَفْعِ الْمَسِيح بِثَلاث إِلَى خَمْسِ سَنَواتٍ، أي مَا بَينَ عَامَي 33-38م عَلَى وَجْه التَّقَريبِ، واسْتَمرَّت حتَّى سَنَة 67م، أي نَحو ثَلاثِين سَنَةً، حتى تَمَّ إعْدَامُه في رُومَا عَلَى يَدِ الإِمبرَاطُور نِيرُون، الَّذِي اتَّهَم الْمَسِيحيينَ بِإِحْرَاق مَدِينَة رُومَا، فَقَتَل نِيرونُ بُولِسَ ومَعَهُ (بُطْرس) كَبِير تَلامِذَة الْمَسِيح بِحَسَبِ وصْفِ الأَنَاجِيل لهُ، فَأَعْدَمَهُما صَلبًا، ثمَّ تَفَنَّن نِيرُون في تَعْذِيب الْمَسِيحيينَ، ومِنْ ذَلِك أنَّه جَعَلهُم طَعامًا للْكِلابِ الْجَائِعة، وصَبَّ الْوَقُود عَلَى آخَرِين، وجَعَلَهُم مَشَاعِلَ لِبَاب قَصْرِه.


فَانْظُر كَيْف عَاقَبَ اللهُ هَذَا الفَاجِرَ بُولِسَ في الدُّنيَا، وكَيفَ انْقَلَبتْ عَلَيه عداوته للمسيح ودينه، ثم خطيئة تحريفه لدين المسيح، وتضليل أُمَّةٍ من الناس عن دين المسيح الحقيقي، كيف انقلبت هذه الخطايا عليه إلى عقوبة أليمة في الدنيا، فَفِي بِدَاية أَمْرِه كَانَ يُعذِّب أَتْبَاع الْمَسِيح ويَسْجِنُهُم، ثمَّ دَخَلَ دِين الْمَسِيح نِفَاقًا لِيُفْسِد دِينَ الْمَسِيحِ مِنَ الدَّاخِل، وليَجْعَلَه دِينًا صَالحًا للْوثَنِيين لأنْ يَدْخُلوا فِيه، فَكَانَتِ النِّهَايَة أنْ عذَّبه الله بأيديهم، فسَحِقَه رَأْسُ الْوثَنِيينَ (نِيرون) سَحْقًا.


وبِهَذَا انْتَهتِ الْمَرْحَلة الأَوْلى مِنْ مَرَاحِل تَحْرِيف دِينِ الْمَسِيح والتي كانت عَلَى يَدِ بُولِس، فَبُولِس ومَنْ جَاء بَعْدَه مِنْ رِجَال الدِّين مِـمَّنْ نَشَرُوا دِيْنَه وبَشَّـروا بِه -بِحَسَب تَعْبِيرهم- سَيَحْمِلُون إِثْمَ الأَجْيالِ الَّذِين اعْتَنَقُوا هَذَا الدِّين بِسَبَبِهمْ إِلى يَومِ الْقِيَامَة، فَلْيَنْظُر القِسِّيسُ العَاقلُ (وغَيرُ الْقِسيسِ) إِلى أَيْنَ هُو ذَاهِبٌ بِالنَّاسِ؟ ءإِلَى الْجَنَّة أمْ إِلى الْجَحِيم؟(1).

 فَائِدة


لَيْسَ بِعَجِيبٍ سَرْعةُ حَصولِ هَذَا الإِفْسَاد الَّذِي قَامَ بِه بُولِس، والَّذِي حَصَلَ في خِلالِ ثَلاثِينَ سَنَةٍ مِنْ حَيَاتِه، لأنَّه إِفْسَادٌ مِنَ الدَّاخِل، فَقَدْ تَظَاهَر هَذَا الْخَبيثُ بِالدُّخُول في دِينِ الْمَسِيح، وأنَّه رسولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَصَدَّقَه النَّاسُ، فَأَدْخَل بِضَاعَتَه الْفَاسِدَة، فَرَاجَتْ عَلَيهمْ، وأَفْسَدَ دِينَ الْمَسِيحِ الْواضِحَ النَّقيَّ الَّذِي يَدْعُو إِلى عِبَادَة اللهِ وحْدَه، وجَعَلَه مَزِيجًا مِنَ الْعَقَائِد الْوثَنِيَّة بِاسْم الْمَسِيح، ولَيْسَ هَذَا الإِفْسَاد بِهَذِه الْجَرْأة بِغَريبٍ عَلى الْيَهُودِ، فَهُم الَّذِين هَمُّوا بِقَتْل الْمَسِيح، وأَيُّ جَرأةٍ أَعْظَمُ مِن هَذِه؟! فَإِذَا كَان هَذَا مِنْهُم مُسْتَسَاغًا فَكَيفَ لا يَجرُؤونَ عَلَى إِفْسَاد دِيْنِه؟

المراجع

  1. انظر تفصيل دور بولس في تشويه دين المسيح في كتاب: «تاريخ النصرانية - مدخل لنشأتها ومراحل تطورها عبر التاريخ» (ص93 وما بعدها)، المؤلف: عبد الوهاب بن صالح الشايع.
السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ تابع النقطة السادسة من الادلة التاريخية علي مقولة (ان المسيح رب)

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day