الدليل الخامس والعشرون علي بطلان مقولة (ان المسيح رب)
ومِنْ دَلائِلِ بُطْلانِ مَقُولة: (إنَّ الْمَسِيحَ رَبٌّ):
مِنَ الْمَعْلُوم أنَّ اللهَ رَحيمٌ بِالْبَشَرِ، لَيْس لهُ مَصْلحةٌ في تَعْقِيد الأُمُور وإثَارةِ الفَوْضَى الْعَقْليَّة في مُجْتَمَع بَني إسْرَائِيلَ ولا غيره، وقَدْ جَاءَ في (رِسَالةِ كورنثوس الأَوْلَى: 14-33): «اللهُ لَيْسَ إلـٰهَ تَشْويشٍ بَلْ إلـٰهُ سَلامٍ».
إذَا تَقَرَّر هَذَا فَلابدَّ أنَّ الَّذِي جَعَلَ عَقِيدَة الْمَسِيحيينَ مُعَقَّدةً هُمُ الْبَشَر ولَيْس الله، وهَذَا هُو الْوَاقِع لَمَا أَدْخَل بُولس في عَقِيدَةِ الْمَسِيح الأَصْليَّة مَا لَيْسَ مِنْهَا، فَحرَّفَهَا بِقَوْلِه: (إنَّ الْمَسِيح ابنُ اللهِ).
ولوْ أَنَّك استوقفتَ طِفْلًا وطَلَبتَ مِنْه أنْ يَشْرَح لَكَ عَقِيدةَ التَّثْليثِ لَمَا اسْتَطَاع، في حِين أنَّ الْعَقِيدَة الْمُتَعَلِّقَة بِاللهِ يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ مَفْهُومَةً لِكُلِّ إنْسانٍ، سَواءٌ كَانَ طِفْلًا أوْ كَهلًا، أوْ أُمِّـيًّا -لا يَقْرأُ ولا يَكتبُ- أوْ عَالِمًا في الذَّرَّة.
ولوْ أنَّكَ عَرَضَتَ عَلى هَذَا الطِّفْل عَقِيدَةَ الإسْلامِ وقُلتَ لهُ: (إنَّ الَّذِي خَلَقَكَ وخَلَقَ جَمِيعَ مَا في هَذَا الْكَونِ هُو اللهُ وحْدَه، فَاعْبُدْه ولا تَعْبد غَيْرَه، واللهُ غَنيٌّ، لمْ يَتَّخِذ ابنًا ولا زَوْجةً)؛ لَفَهِم مِنْك هَذِه الْعِبَارَة فورا، واقْتَنَعَ بِهَا، ولمْ يَحْتَجْ إلى أَكْثَر مِن ذَلِك.