الايمان بالملائكة (الجزء الثاني)
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فاعلموا رحمكم الله أن الإيمان بالملائكة يثمرُ ثمرات جليلة منها [1]:
أولا: العلم بعظمة الله تعالى وقوته وسلطانه، فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق سبحانه.
ثانيا: شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكَّلَ من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثا: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.
• ثم اعلموا رحمكم الله أن صالحي بني آدم أفضل من الملائكة، هذا قول أهل السنة والجماعة، لأن بني آدم عندهم شهوة جبلية يقاومونها ويكبحون جماحها، وعندهم نفس أمارة بالسوء، وعندهم شيطان يغويهم، بخلاف الملائكة، فهم مجبولون على طاعة الله والاستقامة لأمره، ولا تتسلط عليهم الشياطين، فمن استقام من بني آدم على طاعة الله، وكبح جماح نفسه كان خيرا من الملائكة.
• ثم اعلموا أن صيام شهر شعبان مستحب استحبابا شديدا، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان[2].
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:
قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان! فقال: ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم. [3]
وقوله: (ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)؛ يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه.
ومن فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، حيث أن شعبان كالمرقاة إلى رمضان، فإذا دخل رمضان يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل في صوم رمضان بقوة ونشاط.
• ثم اعلموا أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم
فقال
(إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم عليه السلام، وفيه قُبِــــض، وفيه النفخة [4]، وفيه الصَّعقة[5] ، فأكثروا عليَّ من الصلاة، فإن صلاتكم معروضة علي[6])
، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
• اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين. اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم كتابك، وإعزاز دينك، واجعلهم رحمة على رعاياهم، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع الظلم عنهم، اللهم ارفع عنا الوباء إنا مسلمون. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
المراجع
- هذا الفصل منقول من «شرح الأصول الثلاثة» لابن عثيمين، ص 92، بتصرف يسير.
- رواه البخاري (1833) ومسلم (1956).
- رواه أحمد (5/201) وغيره، وحسنه محققو «المسند (21752).
- أي النفخة الثانية في الصور، وهو قرنٌ يَنفخ فيه إسرافيل، وهو الـمَـلك الـمُـوكَل بالنفخ في الصور، فيقوم الخلائق من قبورهم
- أي يُصعق الناس في آخر الحياة الدنيا، فيموتون كلهم، والصعقة تكون بسبب النفخة الأولى في الصور، وبين النفختين أربعون عاما.
- رواه النسائي (1373)، وأبو داود (1047)، وابن ماجه (1085)، وأحمد (4/8)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»، ومحققو «المسند» برقم (16162).