التعبد باسم الله (التواب)
1- استشعار القلب لصفة التوبة التي دل عليها أسم الله التواب:
فيقوم في القلب نتيجة لذلك محبة ورجاء مستفادة من إدراك القلب لمعنى اسمه تعالى التواب، محبة تبعث فيه الرجاء وتدفعه إلى فعل الطاعات والمسارعة إلى الخيرات طلباً لرضوان المحبوب والقرب منه. [أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة، عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع، 2/478].
2- الدعاء باسم الله التواب:
والدعاء نوعان:
أولاً: دعاء المسألة:
فحقيقة الدعاء في اللغة أنها تطلق على المسألة والطلب كطلب ما ينفع الداعي، وطلب ما يكشف الضر ويرفعه.
أما دعاء المسألة بالنسبة للأسماء الحسنى فهو: سؤال الله في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، والتوسل إلى الله بالأسماء في الدعاء فيقول الداعي: اللهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، وتب على يا تواب.
ثانياً: دعاء العبادة:
ومن معاني الدعاء في اللغة هو العبادة، وأما دعاء العبادة بالنسبة للأسماء الحسنى فهو التعبد لله سبحانه وتعالى، والثناء عليه بأسمائه الحسنى، فكل اسم يتعبد به بما يقتضيه ذلك الاسم، فيقوم بالتوبة إليه لأن من أسماء الله التواب. [المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد صالح العثيمين، كاملة بنت آل جهام الكواري، 1/36].
3- التعبد باسم الله التواب من توحيد الألوهية:
توحيد الأسماء والصفات شامل للنوعي التوحيد (الربوبية والألوهية)، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكل ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها: الرب- الخالق- الرازق- الملك، وهذا هو توحيد الربوبية.
ومن جملتها: الله- الغفور- الرحيم- التواب، وهذا هو توحيد الألوهية. [معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات، محمد بن خليفة بن علي التميمي، ص 42].
4- علم العبد بأن التوبة في حق كل فرد مقبولة ما لم يغرغر سواء من كفر أو دونه من أي ذنب كان:
التوبة إذا استكملت شروطها مقبولة من كل ذنب كفرا كان أو دونه. وقد دعا الله إليها جميع عباده، فقال تعالى:
{ يا عباد الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وأسلموا} [الزمر: 53 -54]
، بل لم يرسل الله الرسل وينزل الكتب إلا دعوة منه لعباده إلى التوبة ليتوب عليهم إنه هو التواب الرحيم. [مختصر معارج القبول، أبو عاصم آل عقدة، ص 333].
5- أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا بشروطها:
المراد بالتوبة النصوح، وهي التي اجتمع فيها ثلاثة شروط:
الأول: الإقلاع عن الذنب.
الثاني: الندم على فعله.
الثالث: العزم على عدم العودة إليه.
فإن كان في ذلك الذنب حق لآدمي لزم استحلاله منه إن أمكن لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح:
(من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم)
وهذه الشروط في كيفية التوبة.
وأما الشرط في زمانها:
ففي حق كل فرد من العباد: أن تكون قبل الغرغرة وهي حشرجة الروح في الصدر، والمراد بذلك الاحتضار عندما يرى الملائكة.
وأما في حق عمر الدنيا: فتنقطع التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها.
وأما الأمم المخسوف بها: فقد انقطعت التوبة عنهم برؤيتهم العذاب.
[مختصر معارج القبول، ص 334 – 335].
6- من أهم شروط التوبة بالإضافة إلى باقي الشروط والتي يغفل عنها الكثير فعل المأمور به والتزامه:
قال ابن القيم: وكثير من الناس إنما يفسر التوبة بالعزم على أن لا يعاود الذنب، وبالإقلاع عنه في الحال، وبالندم عليه في الماضي، وإن كان في حق آدمي فلا بد من أمر رابع، وهو التحلل منه.
وهذا الذي ذكروه بعض مسمى التوبة بل شرطها، وإلا فالتوبة في كلام الله ورسوله - كما تتضمن ذلك - تتضمن العزم على فعل المأمور والتزامه فلا يكون بمجرد الإقلاع والعزم والندم تائبا، حتى يوجد منه العزم الجازم على فعل المأمور، والإتيان به، هذا حقيقة التوبة، وهي اسم لمجموع الأمرين، لكنها إذا قرنت بفعل المأمور كانت عبارة عما ذكروه، فإذا أفردت تضمنت الأمرين، وهي كلفظة التقوى التي تقتضي عند إفرادها فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، وتقتضي عند اقترانها بفعل المأمور الانتهاء عن المحظور.
فإن حقيقة التوبة الرجوع إلى الله بالتزام فعل ما يحب، وترك ما يكره، فهي رجوع من مكروه إلى محبوب، فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها، والرجوع عن المكروه الجزء الآخر. [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، 1/312 – 313].
7- التأسي بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في التوبة:
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ:
«كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّك أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ مِائَةَ مَرَّةٍ».